تاريخ

تاريخ نجد

ما اشتملت عليه نجد من القرى والبلاد:
إعلم أن أراضي نجد واسعة جداً. فيها بلاد وقرى كثيرة، وفيها صحاري وقفار شاسعة، يسكنها قبائل من العرب لا يُحصى
عددهم إلا الله تعالى، لا يستقرون في محل واحد ولا يتوطنون في دار. بل لم يزالوا في حل وارتحال، شأن سكنة البوادي . وهم
بطون وقبائل. وشعوب يرأس كل عشيرة منهم شيخ نافذ الكلمة فيهم. ولهم قوانين مرعية فيما بينهم، سيأتي تفصيلها إن شاء الله .
والكلام الآن في حاضرة نجد وما فيها من القرى والبلاد والنواحي.
أما أول نجد أعني المعمور من مساكن الحاضرة من جهة الشمال (فجوف آل عمرو) الذي على شمال(1) خيبر وفيه قرى
كثيرة، وكان في أيدي (عنيزة)) ثم صار إلى (آل رشيد) شيوخ (جبل شمر) وكان ذلك بإذن أمير نجد (ابن سعود) وجبل شمر هما
جبلا طيء أجا وسلمى وكان مسكن (حاتم طيء) الجواد الشهير وهو إلى اليوم مستقر أمير الجبل من أبناء رشيد ومحل توطنه. وفي
هذا الجبل قرى كثيرة منها (حائل) و(قفار) و(مؤقت) و(جبة) و(بقعاء) و(سميراء) و(كهفة) وغير ذلك من القرى الكثيرة.
وأحسنها وأوسعها بلدة (حائل) وهي بلدة واسعة الطرق عذبة المياه طيبة الهواء فيها ما يزيد على ألف دار، وفيها قليل من
الغرباء التجار، وفيها نخيل وأشجار، تسقى من الآبار والعيون، وفيها التمر المعروف (بحلوة الجبل) وهو وحشي وبلدي وكلا
النوعين من أحسن التمور المشهورة، وتمرتها نحو الإبهام شقراء أو حمراء. وفي البلدة مسجد تقام فيه الجمع والجماعات. وفيها
مدارس وعلماء وفيها سوق. والسكنة نحو عشرين ألف نفس كلهم مسلمون من أهل السنة المواظبين على الطاعات وهم كسائر أهل
نجد على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه كما سيأتي. والأمير إلى اليوم من آل رشيد وهم من الموالين للدولة
العلية العثمانية المنقادين لأوامرها، وهم يحكمون بالعدل ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، لا ينحرفون في أحكام الرعايا عن
الشريعة الغرّاء. ولدى الأمير كل وقت عالم من علماء الحنابلة كلما حدثت حادثة أحالها الأمير إليه، فبين حكم الله تعالى فيها،
فينفذه الأمير من غير تأخير، وهكذا سائر بلاد نجد. والأمير اليوم عبد العزيز) وهو ذو سيرة حسنة ومزيد أدب وانقياد للدولة، وله
صلاح ومعرفة في الدين وعدل. وكان سلفه (محمد بن رشيد) أيضاً على جانب من محاسن الأخلاق حتى استمال بحسن سيرته
وسياسته قلوب كثير من أهل نجد. وآل رشيد كلهم شجعان محبون للغرباء والأضياف كما هو شأن العرب الأماجد في الغيرة والوفاء
بالعهود والكرم، وغير ذلك من محاسن الشيم، ومنهم اليوم أمراء الحاج المسافرون من بغداد على جهة الجبل وبواسطتهم تأمن
السابلة وأبناء السبيل. نسأله تعالى أن يوفقنا وإياهم لصالح الأعمال.
ومن نواحي نجد ناحية القصيم وهي من أحسن نواحيه وأهلها من أشجع أهالي نجد. وفي القصيم بلدتان مشهورتان وهما عنيزة وبريدة. وهما بلدتان واسعتان فيهما نحو خمسة آلاف دار، وفيهما مساجد كثيرة ومدارس متعددة لطلبة علوم الدين، وفيهما نخيل وأشجار متنوعة ومياههما من الآبار. وكان الأمير قبل (ابن رشيد) رجلاً من آل سُلَيْم يولي من قبل (ابن سعود) وهو من أهل بيت قديم من عنيزة من عشيرة (سبيع) وكان أمير بريدة من السديريين مولي من قبل ابن سعود) آمراً على كافة قرى القصيم. قرى القصيم
وقرى القصيم: الأسياح، وعين ابن فهيد، وحنيظل، وأبو الدود، وقصيبا، وغير ذلك. وهذه القرى كلها خضبة كثيرة النخل
والبساتين والحدائق والثمار المتنوعة والمياه العذبة .
قرى بريدة
وقرى بريدة : الشقة، والعيون، والبصة، والقرعاء، ووادي عنيزة، وغير ذلك. وهذه القرى أيضاً كثيرة النخيل والأشجار
والثمار، والعيون والآبار.
قرى الوادي
وقرى الوادي : الشيحيحات، والهلالية، واليكبرية والخبراء، والرس، وقراه صبيح، والنبهانية، والمذنب، وقراه ثلاث. هذا هو المشهور من محال القصيم . |وقد أسلفنا لك أول الكتاب أن بعض أهل العلم لم يعد القصيم من نجد بل قال إذا جزت القصيم فأنت في نجد إلى أن تبلغ ذات عرق ثم تتهم. وعن أبي لغدة الأصفهاني : أن القصيم كان موضعاً ذا غضى فيه مياه كثيرة وقرى، منها القريتان : قريتا ابن عامر . قال : وهما اليوم لولد جعفر بن سليمان، إحداهما يقال لها العسكران. قال : وأهل القصيم كانوا يسكنون في خيام الخوص وهي منازل بني عبس وغيرهم، وفيه نخل كثير وهو من عمل المدينة. ويقال : حد القصيم قاع بولان وهي مفازة. قال:
والقصيم رمل. وبالقصيم ماء لبني أسد في الرمل عليه خيام من الخوص كثيرة يقال له: الحويرثية.
قال الشاعر:
على الربع الذي بحويرثاتِ من الله التحية والسلام
وبالقصيم عجلز. وهي ماءة لبني مازن وهي المنصف بين
البصرة ومكة . قال الراجز :
الله نجاك من الحجاز ومن جبال طخفة النواشز والعجالز رحب. وعجلز وما حولها من المياه ورحب ماء
البني مازن بالقصيم أيضاً، وبه أيضاً لبني المرقع وهم من بني عبد الله بن غطفان مياه منها ماءة يقال لها الحجدرة وماء يقال له
الركبات. قال الراجز :
ظلت على الحجدرتين تستقي بسوقنين فجنوب الأبرق وماء لبني ضبة يقال له كنيف وهو لبني كوز وفيه يقول الراجز :
إن لها على الكنيف مشرباً دعائماً وخشباً منصبا وكانت عجلز ورحب في أول الدهر لضبة، كان وهبهما ابن
جفنة لمحلم بن سويط .. إلى آخر ما قال مما لم نجد اليوم لمن يعرف تلك الأسماء من أهل نجد إلا القليل، وسبحان من
يتصرف في ملكه كما يشاء.
ناحية السدير وقراه
ومن نواحي نجد ناحية السدير وبلدانها الزلفي – وقراه خمس – والمجمعة، وحرمة، ووشي، والجوى، وجلاجل، والتويم،
والداخلة، والروضة، والحصون، والحوطة، والخيوبية، والعطار، والجنبقي، والعودة، وتمير، وعشيرة، والخطامة. فهذه
محال سدير وقراه، ومركز الحكومة المجمعة. وكل هذه البلاد كثيرة النخل والبساتين والزروع والمياه العذبة، وسكنتها كسائر
أهل نجد في العلم والعمل.
ناحية الوشم وبلادها وقراها
في هذه الناحية كثير من البلاد والقرى منها: الشقراء وهي بلدة متوسطة كثيرة الدور والمنازل، وكانت مركز الحكومة أيام
إمارة ابن سعود. ومنها وسيل، وشيقر ، والقرائن، والفرعة، وثرمدة، ومرآة، وثيثية)، والجريفة، والحريق، والقصب،
وسيل، والبير، والدوادمي، والشعرة، والقويعية ، والرويضة، والشمس، والخانوقة، والحيد.
ناحية المحمل وما فيها من القرى 
ومن نواحي نجد ناحية المحمل. وبلادها: ثادق، وكان مركز الحكومة أيام إمارة ابن سعود. والبير، والصفرة، ورغبة، والبيرة ،
ودقلة، والقرنية، وملهم، وصليوخ. وهذه البلاد كلها مشحونة بالسكنة والقاطنين. وفيها نخيل وأشجار ومياه عيون وآبار،
وأرضها قابلة للحرث.
ناحية العارض وما فيه من البلاد
ومن نواحي نجد العارض. وهو المسمى بوادي حنيفة وباليمامة. وكان مركز إمارة ابن سعود على كافة نجد الحاضرة
والبادية . وكان مركز إمارته «الدرعية» ثم انتقل إلى بلد يقال له الرياض من بلاد العارض، والسبب في ذلك خراب الدرعية أيام
الحرب مع المصريين، فإن المصريين بعد دخولهم البلد صلحاً – بعد أن شابت من الفريقين النواصي – ورد الأمر في شعبان سنة
أربع وثلاثين بعد المائتين والألف من (محمد علي باشا) صاحب مصر إلى رئيس عسكره في نجد (إبراهيم باشا) وهو في الدرعية،
أن يهدم الدرعية ويدمرها فأمر أهلها يومئذ أن يرحلوا عنها، ثم أمر العسكر أن يهدموا دورها وقصورها! وأن يقطعوا نخيلها
وأشجارها! ولا يرحموا صغيرها !! ولا يوقروا كبيرها !! فابتدر العسكر إلى هدمها مسرعين، فهدموها وبعض أهلها مقيمون فيها،
وقطعوا الحدائق منها وهدموا الدور، والقصور، ونفذ فيها القدر المقدور، وأوقدوا في بيوتها النيران وأخرجوا جميع من كان فيها
من السكان، فتركوها خالية المساكن، كأن لم يتوطنها متوطن ولا سكنها ساكن. وتفرّق أهلها إلى النواحي والبلدان، وتعبت في
خرائبها البوم والغربان . وكانت هذه البلدة على ما ذكر بعض الأفاضل النجديين من أعظم بلاد نجد وأحسنها بناء ووضعاً
وأكثرها بيوتاً وأزيدها سكنة وأوفرها أموالاً ورجالاً لا يهتدي الواصف إلى وصفها ولا يحيط العارف بمعرفتها، فلو أردت أن
تذكر أبطالها وفرسانها وإقبالهم فيها وإدبارهم وكرهم وفرّهم في كتائب الخيل والنجائب، وما كان يدخل على أهلها من الأموال
الكثيرة، على اختلاف أجناسها، وما كان من سوق التجارة النافقة لم يستوعبه كتاب، ولم يستقصه خطاب . قال : وكان الداخل في
موسمها لا يفقد أحداً من أهل الآفاق كاليمن وتهامة والحجاز وعمان والبحرين وبادية الشام ومصر وأناس من حاضرتهم
وغيرهم، ممن يطول الكلام بذكرهم. والناس لم يزالوا مختلفين إليها، فهم ما بين داخل فيها وخارج عنها ومستوطن فيها وسائر
منها . وكانت البيوت لا تباع فيها إلا نادراً وكانت أثمان منازلها إذ ذاك ما يبن ألف (ليرا) عثمانية وخمسمائة إلى مائة وهذا الثمن
يومئذ في بلاد نجد ليس بقليل. وإجارة الحانوت والدكان يومئذ خمسة وأربعون (ريالاً) في كل شهر. وبعضها أجرة كل يوم ريال
واحد وهو قريب من (المجيدي) وإذا أتت القافلة من «الهدم» إليها بلغت أجرة الحانوت كل يوم أربعة أمثال الأجرة المعتادة. وهكذا
سائر الأمتعة والأسباب التي تترقى بكثرة العمران ومزيد رغبة السكنة. وكان كل بيوت البلدة مقاصير وقصوراً حتى أن من يشرف
عليها من محل مرتفع يرى أمراً عظيماً، ولا سيما موسمها وما فيه من جماهير الأمم والخلائق الذين يسمع لهم دوي كدوي النحل
من مكان بعيد.
وبعد أن فرغ العسكر من هدم المدينة وتدميرها رحلوا عنها إلى الموضع المعروف (بالأموي) وهو غدير قرب بلد (ضرمي)
كان سعود أمير نجد رحمه الله تعالى يجعل فيه خيله أيام الربيع، وبقي العسكر المصري يعيثون في أرض نجد ويخربون البلاد
والقرى إلى أن عادوا إلى بلادهم.
والدرعية الآن فيها عمارة قليلة ونخيل وبساتين وسكنة لا نسبة الهم مع حالهم الأول. وسبحان من يتصرف في ملكه كما يشاء
بلدة الرياض هذه بلدة واسعة الأرجاء والطرق، كثيرة البيوت والسكنة، وهي إحدى مدن العارض طيبة الهواء، عذبة الماء، فيها مساجد ومدارس وعلماء راسخون في الدين، وفي نواحيها قرى كثيرة. وفيها نخيل وبساتين. وأول ناحية العارض حريملة ثم سدوس، وفي قربها أبنية قديمة يظن أنها من آثار حمير وأبنية التبابعة (نقل لي بعض الأصحاب الثقات من أهل نجد: أن من جملة هذه الأبنية شاخصاً كالمنارة) وعليها كتابات كثيرة منحوتة في الحجر ومنقوشة في جدرانها . فلما رأى أهل قرية سدوس اختلاف بعض السياحين من الإفرنج إليها هدموها ملاحظة التداخل معهم.
ثم خرّميثم العمادية، ثم أبو كباش، ثم الجبيلة، ثم العينية ، ثم الدرعية ، ثم عرقة، ثم الرياض، ثم منفوحة. وفي جنوب العارض: الخرج وهي بلدة قديمة واسعة عن الرياض نحو ثمان ساعات. وفيها عيون وآبار، ونخيل وأشجار .
وكانت قبيلة عائذ تسكنها وكانت لهم صولة عظيمة في البدو والحضر. ثم تفرقوا في بلاد نجد وغيرها ولم يبق أحد منهم في
البادية. وقد تفرق كثير من قبائل نجد أيضاً كال ورغب وآل كثير الذين ورد إلى العراق منهم عدد وافر.
قرى الخرج
وقرى الخرج: السلمية، والدلم، واليمامة، وزميقة، ونعجان، والسّيح، وغير ذلك من القرى المشتملة على بساتين
وسكنة كثيرين، وفيهم أهل العلم والعمل.
وادي الفرع وقراه
هو وادِ معمور، وفيه نخل كثير وغالب الساكنين فيه من بني تميم ولم يبق منهم في البوادي أحد. وأما قراه فمن أشهرها:
الحوطة، والحريق، ونعام والحلوة، وكانت دار الحكومة أيام إمارة ابن سعود
ناحية الأفلاج وقراها:
ومن نواحي نجد: ناحية الأفلاج وهي أول بلاد قبيلة الدواسر . وقراها: ليلى، والبديع، والأحمر، والهدار، وغير ذلك
من القرى المشحونة بالسكنة والنخيل والأشجار .
وادي الدواسر وقراه
أول وادي الدواسر : السليل، ومن قراه : اللدامة، وكثيرة، والحنابج وعدد جميع قراه خمس عشر قرية، وهذا الوادي مسكن
قبائل الدواسر البادية والحاضرة، وهو آخر نجد من جهة الجنوب .
والمعمور من نجد: من جوف آل عمرو وإلى وادي الدواسر مسيرة خمسة عشر يوماً بسير الأثقال من جهة الشمال إلى
الجنوب. والمعمور منه من جهة الشرق إلى الغرب فهو مسافة ستة أيام، وهذا هو المعمور بالبلدان، وأما مساكن أهل البادية من
العشائر والقبائل فهو طولاً مسافة شهر، وعرضاً كذلك.
أودية نجد
أودية نجد منها كبار ومنها صغار. فمن الكبار : وادي الدواسر، ومنها وادي حنيفة، ومنها وادي القصيم المسمى وادي
الرمة، ومنها وادي سدير .
العقبات
وفي نجد عقبات صعبة المسالك، والدهناء هي الرمال الحاجزة دون نجد. والدهناء هذه هي التي قصدها الشاعر بقوله:
يمرون بالدهنا خفافاً عيابهم ويرجعن من دارين يُجر الحقائب 
الجهة الجنوبية من نجد
أما الجهة الجنوبية من نجد ففيها بلاد عسير وهم قبائل كثيرون كلهم أهل شجاعة وإقدام، وثبات في حومة الحرب والخصام،
منهم أهل حاضرة ومنهم أهل بادية، وأهل الحاضرة قبائل شهران من حمير وقد تولاهم الأمير (ابن سعود) أيام إمارته، والآن ليسوا
منقادين لأمراء نجد). وكان شيخهم من عشيرة يقال لها (ألمّع وغالب مساكنهم في الجبال، وهم لا يزالون يشنون
الغارة على سواحل اليمن فينهبون منها . ومحل إقامة كبير الجبل بلدة تسمى (السقا) ولهم أكثر من مائة قرية، وأكثرهم في البادية .
الأرض المتصلة بنجد من الجهة الشرقية
أما الجهة الشرقية لنجد فالإحساء والقطيف وهو أرض الخط. والرماح الخطية التي كانت مشهورة بين العرب منسوبة
إليهم. وفي الخط جزيرة دارين الملاصقة للقطيف والإحساء وهي قرى كثيرة وأكبر ما فيها من البلاد: الهفوف والمبرز . والهفوف
كانت أيام تصرف أمراء نجد فيها مركز الحاكم الذي يعين من قبلهم. وكان يومئذ في أرض الإحساء ست قلاع فيها عساكر أمراء
نجد ويتبعها أكثر من مائتي قرية كبيرة، وهي بلاد متسعة الأطراف، ممتدة الأكناف، سهلة المعاش، ذات نخل كثير وأشجار متنوعة 
ومياه عذبة متسلسلة وأمراء نجد لم يكونوا يأخذون من هذه الأرض سوى العشر، وفي المبرز والهفوف مساجد كثيرة ومدارس
متعددة وأسواق وعمارات كثيرة، وقد ألحقت بولاية بغداد والبصرة أيام حكومة (مدحت باشا) والياً على بغداد، وسنأتي على
تفصيل القول فيها إن شاء الله تعالى .
وأما القطيف فجهة شرقها على ساحل البحر، وهي كالإحساء في النمو والحواصل وجميع سكانه من الشيعة، والقطيف عن
الإحساء مسافة ثلاثة مراحل والإحساء عن نجد مسافة سبع مراحل وبين القطيف الدهناء) وهي رمال، والصمان وهي أرض يابسة
لا يوجد فيها ماء، والمسافر منهما إلى نجد لا بد له من حمل وفي جهة القطيف الشرقية بندر العقير الواقع على ساحل
البحر وهو بندر الإحساء، وكان فيه محل محصن معدّ لتجار نجد الذين يسافرون إلى الإحساء فإنهم إذا وصلوا إلى هذا المحل
جعلوا أموالهم فيه إلى أن تأتيهم الرواحل فتحمل أموالهم إلى الإحساء.
ثم في الجهة الشرقية من العقير (قطر) وهي منزل أهل السفائن من العرب الذين يغوصون في البحر لاستخراج اللؤلؤ وهم قبائل
منهم من قحطان ومنهم من وائل. وفي بر قطر بعض من بني هاجر وفي باديته قبيلة تسمى (المناصير) وفي سواحله محال كثيرة منها
البدع وهو رأس الزبارة ونويرط وغير ذلك من البنادر . وكان برّه وصحاريه في تصرف أمراء نجد.
تفصيل القول في قطعة الإحساء
هذه القطعة هي مجاورة لأرض نجد من جهة الشرق كما سبق، وكانت في إدارة أمراء نجد إلى أن وقع اختلاف بين أمرائها
أوائل مجيء (مدحت باشا) والياً إلى بغداد. فجاء أحد أمرائها إليه وتعهد له بضبطها فذهب مدحت باشا بنفسه مع ما يلزم من العسكر
فضبطها وسخرها كما كانت قبل من بلاد الدولة، فعيّن فيها حاكماً وقاضياً، وكذلك في ملحقاتها، وعين مأمورين آخرين وهي إلى
اليوم على ذلك الحال. وقد تكلم عليها بعض الأدباء من الأحبة وبين حالها بعد استيلاء الدولة نصرها الله تعالى ووفقها لما فيه
حسن العاقبة فقال: طول أرض الإحساء من بيرية الواقعة في جنوبها إلى جزيرة العمائر الواقعة منها شرقاً مائة واثنتا عشرة
ساعة وعرضها من بند العقير في ساحل البحر إلى العرمة الواقعة منها غربة اثنتان وستون ساعة.
وأعظم بلاد هذه القطعة المبرز والهفوف، والمسافة من الهفوف إلى العقير اثنتا عشرة ساعة. 
ولأرض الإحساء ثلاثة بنادر وكل منها مرسي مهم: القطيف، والعقير، وقطر. وكل من هذه الثلاثة قصبة على حدة .
أما القطيف فواقعة على بعد أربعين ساعة من الهفوف .
وأما قطر فمسافتها عنها نحو ستين ساعة.
وأما العقير فعلى مسافة اثنتي عشرة ساعة، وذلك بسير الإبل والأثقال. وحيث إن العقير أقرب الثلاثة إلى مركز الحكومة ـ وهو
بلد الهفوف – اخذ مرسي دون الأخيرين مع كثرة المياه العذبة أثناء الطريق.
وفي سواحل أرض الإحساء محلان مخصوصان بغوص اللؤلؤ وهما: القطيف، وقطر. ومعايش سكنة قطر منحصرة في
الغوص على اللؤلؤ، ليس لهم زرع ولا حرث. وأما أهل القطيف فلهم نخيل كثيرة وبساتين عظيمة بسبب ما فيه من المياه الكثيرة ،
ولذلك غالب السكنة من أهل الثروة. وأنهار أرض الإحساء زهاء ثمانمائة نهر ما بين صغير وكبير، والأكثر منها ينبع من الرفعة
الواقعة من الهفوف شرقاً، وبعضها ينبع من شرقي المبرز البعيد عن الهفوف نحو مسافة أربعين دقيقة. والقسم الأعظم من أرض
الإحساء رمال لا تصلح للزراعة.
والبلد وحواليه قابل للزراعة وفيه نخيل كثير، وبساتين عظيمة. وحدائق ملتفة، وفواكه مختلفة، ومياه المعادن المتنوّعة،
وفيه أنواع التمر التي تفوت الحصر . وفيه النبق الذي يعز مثله في البلاد، ومنه نوع معدم النوى. وفيه سبع محال يتكون فيها الملح،
وثلاثة معادن للجص ومعدن طين ويستعمله سكنة المحل للتنظيف بدل الصابون. ولم يستعمل من معادن الملح سوى أربعة والثلاثة
الباقية مهملة. وهي في الصحراء مكشوفة الأطراف يأخذ منها الصادر والوارد، وذلك مقتضى الشريعة الغراء، فقد ورد : «الناس
شركاء في ثلاث : الماء، والملح، والكلا». .
وفيه الأثمار والفواكه المتنوعة. وقد اشتهر من تمره الخلاص» ومن فاكهته «الخوخ» وإنما كان هذا الصنف من التمر
أحسن أصنافه لأنه دقيق النوى، غليظ الجلد، رقيق الغشاء طيب الطعم . وعلى ذلك قول الأعرابي من أهل عمان لما سئل في جملة
أسئلة عن خير التمر فقال: «خير التمر ما غلظ لحاؤه، ودق نواؤه، ورق سحاؤه».
وفي الإحساء أحسن الخيل، وأحسن الحمر البيض، وأحسن البقر. وفيها الإبل والغنم، وفيها الحيوانات الوحشية كالغزال،
والذئب والأرنب، وابن آوى، والثعلب، والسنور البري، والحمر الوحشية .
ويزرع فيها الأررُ، والحنطة، والشعير، والسمسم، والذرة،والعَدس، وغير ذلك. 
وفي القرب من الهفوف بمسافة نصف ساعة في غربي المبرزعينَ ينبع منها الماء الحار صيفاً وشتاء تسمى «بعين نجم، وهي في
مكان فسيح، وخلف نخيل طرف السيفة عمر ما حولها بالزراعة، القبائل الساكنة اليوم في نجد من عشائر نجد (مطير) وهي قبيلة كثيرة العدد مشهورون  بالإقدام والشجاعة. وهي عدة بطون منها (الدويسي) و(الموهمة)) و(جبلان) و(ذوو عون) و(الملاعية) ومسلم) و(برية)) (والمريخات) و(الهوامل) والمشهور أنهم من قحطان .
وفي نهاية الأرب للقلقشندي] أنهم بطن من بني طسم  من العماليق من العرب العاربة كانت مساكنهم مع قومهم من بني
طسم  بيثرب إلى أن أخرجهم منها بنو إسرائيل.
ومنها (العجمان) وهم أهل شجاعة وإقدام، ومن بطونها (آل معيض) و(آل حبيش) و(آل سليمان) و(آل هتلاب)) (وآل
محفوظ) (والضاعن) و(الشامر) و(آل مصرع) و(الشواولة) و(آل مفلح) وهم من قحطان . ومنها (آل مرة) وهم موصوفون بالبأس والقوة. ومن بطونها (آل جابر) و(آل عذبة) و(آل غفران) و(آل فهيد) و(آل علي). ومنها (آل عتيبة) وهم قبيلتان: (الرومة)(1) و(برقا) وكل منهما عدة بطون. وهم على ما في (النهاية) بطن من جذام من القحطانية بنو عتيبة بن أسلم بن مالك بن شنوءة بن بديل بن جشم بن جذام. قال أبو عبيد: وهم اليوم ينسبون في بني شيبان فيقولون عتيبة بن عوف بن شيبان، قال : وإليهم ينسب جعرة عتيب بالبصرة . قال الجوهري : أغار عليهم بعض الملوك فسبي الرجال فكانوا يقولون: إذا كبر صبياننا لم يتركونا حتى يفتكونا فلم يزالوا عنده حتى هلكوا فضربت لهم العرب مثلاً فقالوا: «أودي عتيب» وفي ذلك يقول الشاعر:
ترجيها وقد وقعت بقر كما ترجو أصاغرها عتيب
ومنها (قحطان) وهم من أهل النجدة والقوة والعدة والعدد .
وينقسمون إلى بطون: (الجمالين) و(العرينات) و(البنطة) و(الصحلة) و(الجبور) و(آل عدي) و(المذارية) و(العيادي)
و(الضعمة) و(مليح) و(القرنيات) و(العزة). وهم من بني عامر بن صعصعة من العدنانية . ومنها (السهولة وهم خمس قبائل وهم (بنو سهل) بطن من بني بحر من لخم من القحطانية . ومنها (الدواسر) وهم حاضرة وبادية. وسكنة البادية المساعرة) و(آل أبي سباع) و(آل بريدة) و(آل المخاريم) و(المرجبان) و(الخييلات) و(الشوافا) و(الغيثيات) و(آل أبي حازم) و(آل عمار) وهم بطن من عرب اليمن ولم ينسبوا إلى أحد.
وأما (بنو خالد)) فكانوا أمراء الإحساء فتغلب عليهم (ابن سعود) وأخذ منهم الإحساء. وهم قبائل منهم (المهاشير) و(الجبور) والمشيخة في (آل حميد) أهل الكرم والشجاعة. وفي نجد قبائل غير من ذكرناهم.
حرب
هذه قبيلة عظيمة سكنوا بوادي (المدينة) وينقسمون إلى قبيلتين : (بني علي) و(مسروح) ومن كل منهما تتفرع عدة بطون،
ولم يصرح أحد من علماء النسب بنسبهم. وفي بوادي المدينة بعض من عتيبة، وكذا في بوادي مكة، وكذا من (البقوم). وأما
هذيل) فهم في بوادي مكة خاصة وهم بطن من خندف من مُضرّ.
وقد يوجد بعض أعراب حرب حول مكة. وأما (ثقيف) ففي الطائف، وهم من هوازن من العدنانية .
وأما عرب (عمان) فهم قبائل كثيرة منهم (المناصير) و(نعيم) و(السعد) وكل من هذه القبائل يتفرّع إلى بطون. وهم بعض من
الأزد نزلوا عمان لما تفرّق الأزد، في حادثة السد.
وعرب بادية اليمن كثيرون، ومنهم (غامِد) و(زهران)) و(بجيلة) و(أسعد) و(شهران) و(زبيد) وبعض من (بام). وكلهم من
قحطان، ويتفرع من كل من هؤلاء بطون كثيرة.
وعرب جزيرة البحرين والقطيف وهجر من (ربيعة) وغيرهم. ومن العرب من لا يعرف له نسب أصلاً، والعرب لا يقيمون لهم
وزناً، وهم (الصليب) و(العوازم) و(الرشايدة) .
أمراء نجد وذكر نسبهم وسائر أحوالهم
أمراء نجد اليوم من (آل رشيد) ومقرّهم جبل أجا وسلمى، وأحوالهم وما هم عليه نتكلم عليها في غير هذا الموضع. وكلامنا
في الأمراء الذين كانوا قبلهم فإن لهم شأناً في التاريخ، وهم كثيرون. منهم : عبد الله بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن سعود بن عبد
العزيز بن محمد بن سعود بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع المريدي العنيزي، وهو من مشايخ عنيزة .
وكان (مانع) المذكور جدّ آل مقرن وآل وطبان يسكن في بلاد الدروع من نواحي القطيف، ثم صار بينه وبين (درع) رئيس حجر
اليمامة من بني عمه مراسلة ومواصلة لما بينهما من الرحم فاستدعاه ابن درع من القطيف وأعطاه من ملكه أرض (المليبد)
و(غصيبة) المعروفتين في الدرعية، فاستقرّ هو وأولاده فيهما . وكان ما فوق المليبد وغصيبة (لآل يزيد) من (آل وغيثر)) من بني
حنيفة الموجودين اليوم إلى ما دون (الجبيلة)، ومن الجبيلة إلى الأبكين) إلى (حريملة) لحسن بن طوق جد آل معمر .
ثم ولد لمانع المذكور (ربيعة) وصارت له صولة واتسع ملكه وحارب آل يزيد. ثم ظهر بعد ذلك ابنه (موسي) وصارت له شهرة أعظم من شهرة أبيه ربيعة واستولى على الملك في حياة أبيه وصارت له وقعة مع آل يزيد، وجرح جروحاً كثيرة، وضيّقوا عليه، واحتال على قتل أبيه ربيعة فجرحه جراحات كثيرة !!! وهرب ربيعة إلى أحمد بن حسن بن طوق رئيس العينية فأجاره وأجله وأكرمه لما بينهما من سابقة المعروف .. ثم إن موسى جمع جموعاً من المبردة) وغيرهم ممن كان عنده من الموالفة، وأغار على آل يزيد صباحاً في (النعيمة) و(الوصيل) فتحاربوا وصارت الغلبة لموسى فقتل من آل يزيد أكثر من ثمانين رجلاً، واستولى على ملكهم
ومنازلهم، ودمرهم، ولم تقم بعد ذلك لآل يزيد قائمة، وكانوا يضربون المثل بهذه الوقعة فيقال : اصبحهم مثل صباح الموالفة
لآل يزيد» . واستمر موسى بن ربيعة في الولاية إلى أن توفي، فتولى ابنه إبراهيم) إلى أن توفي، فتولى ابنه (مرخان). |
وكان (لمر خان) ولدان : (ربيعة) و(مقرن). فأما (ربيعة) فولده وطبان) جد آل وطبان القاطنين في قصبة الزبير .
ولوطبان المذكور عدة أولاد ذكور قيل إنهم أربعة عشر ولداً ذكراً. منهم (مرخان أبو زيد) الذي تولى الدرعية قبل آل مقرن.
وغدره محمد بن حمد بن عبد الله بن معمر الملقب بخرفاش فقتله وقتل دغيم بن فايز المليحي، وكان معهما محمد بن سعود من آل
مقرن فهرب ونجا . ثم بعد ذلك استقل بالدرعية، واستولى أولاده على جميع نجد وهم: (آل مقرن) الذين منهم (ابن سعود المشهور. ومنهم محمد بن وطبان) جد آل ثاقب. وقد جرى بين آل وطبان قطيعة وسفك دماء ويجتمع (آل مقرن) و(آل وطبان) في (مرغان)، وهما يجتمعان مع أهل (خرما) وأهل (أبي الكباش) في (إبراهيم بن موسى المذكور. وقتل (وطبان المذكور ابن عمه (مرخان بن مقرن) وهرب من نجد قبل وأتي إلى قصبة الزبير قرب البصرة.
وأما (مقرن بن مرخان بن إبراهيم) جدّ (آل سعود) المشهورين فله من الأولاد (محمد) و(عياف) و(عبد الله). فمحمد جد آل سعود، وعبد الله جد آل ناصر. وعياف جد آل عياف. فآل مقرن هم ذرية محمد، وذرية عبد الله، وذرية عياف، وذرية مرخان الذي قتله ابن عمه وطبان.
وخلف محمد بن مقرن من الأولاد (مقرناً) و(سعوداً) فمقرن هذا ليس له عقب إلا (عبد الله الذي جعله عبد العزيز بن محمد بن
سعود أميراً في (الرياض) حين تغلب عليها . وأما (سعود) فله عدة أولاد منهم: (محمد) و(مشاري) و(ثنيان) و(فرحان). 
فمحمد هو الذي استقلّ بالدرعية، وكذا أولاده من بعده إلى عصرنا هذا، وهو الذي آوي الشيخ محمد بن الشيخ عبد الوهاب
عالم نجد المشهور. فإنه لما كان في بلد العيينة عند عثمان بن معمر ورأى منه الجفاء قصد (محمد بن سعود المذكور فآواه وأيده
وامتثل أمره، وجهز الجيوش لنصر دعوته، وترويج طريقته ـ كما سيأتي.
و(مشاري بن سعود بن محمد بن مقرن هو الذي أيد أخاه محمد بن سعود في نصرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكذا
ولده (حسن بن مشاري) فإنه قاد السرايا، وقاتل في الحصون والبلاد والقرى مع ابن عمه (عبد العزيز بن محمد بن سعود، وله
أولاد فرسان وشجعان قتلوا في حرب إبراهيم باشا بن محمد علي باشا والي مصر لما حاصر الدرعية، وكذا ابنه (عبد الرحمن)
وخلف عبد الرحمن ولداً اسمه (مشاري الذي قتل ابن عمه (تركي) أمير نجد وأما (ثنيان) بن سعود بن محمد بن مقرن فإنه كان
أعمى ولكن كان مفتوح البصيرة مفرط الذكاء، وكان مستشاراً الأخيه الأمير محمد بن سعود بن محمد بن مقرن في الأمور .
ومن ذريته (عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان المذكور . وفيصل بن ناصر بن عبد الله بن ثنيان المذكور. و(محمد) بن
يوسف بن ثنيان الذي كان في مصر ثم جاء إلى ابن عمه فيصل أمير نجد. وأما (فرحان) بن سعود بن محمد بن مقرن فليس من ذريته
إلا (سعود) بن إبراهيم بن عبد الله بن فرحان والباقون من جميع آل مقرن) إنما هم ذرية محمد بن مقرن جد آل سعود أمراء نجد في
هذا العصر، وذرية أخيه عياف بن مقرن جد آل عياف المشهورين .
و(لنرجع إلى أولاد محمد بن سعود بن محمد بن مقرن جد آل سعود أمراء نجد:
فخلف (محمد بن سعود (عبد العزيز) وهو الذي قاد الجيوش النصرة دعوة ابن عبد الوهاب، وبلغت سراياه وعماله أقصى بلاد
نجد، وزالت به الحروب التي كانت تقع بين قبائل نجد، وحصل الأمن والأمان في البادية والحضر، وكانت الإبل والخيل والأنعام
ترعى في الصحاري وتلد وليس عندها سوى رجل واحد لا يستطيع أحد من قبائل العرب أن يأخذ منها شيئاً .
ثم خلف عبد العزيز سعوداً) وهو أيضاً قد قاد الجيوش على الخيل العتاق والركائب النجب، وأذعنت له صناديد العرب،
وذلت له رؤساؤهم، بَيْدَ أنه منع الناس عن الحج، وخرج على السلطان، وغالي في تكفير من خالفهم وشدد في بعض الأحكام،
وحملوا (أي النجديون) أكثر الأمور على ظواهرها كما غالي الناس في قدحهم. والإنصاف الطريقة الوسطى لا التشديد الذي
ذهب إليه علماء نجد وعامتهم من تسمية غاراتهم على المسلمين بالجهاد في سبيل الله ، ومنعهم الحج. ولا التساهل الذي عليه
عامة أهل العراق والشامات وغيرهما من الحلف بغير الله وبناء الأبنية المزخرفة بالذهب والفضة والألوان المختلفة على قبور
الصالحين والنذر لهم وغير ذلك من الأمور التي نهى عنها الشارع. والحاصل أن الإفراط والتفريط في الدين ليس مما يليق بشأن
المسلمين بل الأحرى بهم اتباع ما عليه السلف الصالح، وتكفير بعضهم لبعض مستوجب للمقت والغضب .
ثم خلف سعود بن عبد العزيز عبد الله) وهو الذي استولى عليه إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا والي مصر، وحبسه،
وذهب به إلى مصر، ثم أرسله إلى اسلامبول أيام السلطان محمود خان فأمر بضرب عنقه في ميدان جامع السلطان بايزيد بين مُلا من
الناس، وعبد الله هذا وإن كان قد علم كأسلافه القبائل أحكام الدين، وأمرهم بإقامة الجماعات في الأوقات الخمسة بحيث لا
يتخلف أحد منهم في بلاد نجد عنها إلى عصرنا هذا إلا أنه قد أخطأ في تجاسره على بلاد السلطان، ولو أنه اكتفى بنجد وما يليه
من عُمان وجزيرة البحرين وغيرهما لاستقام أمره، وفاز بثواب تعليمه أحكام الدين للقبائل الذين هم كالأنعام بل هم أضل سبيلاً .
وخلف سعود بن عبد العزيز (فيصلاً) و(ناصراً) و(تركياً) و(إبراهيم) و(سعداً) و(فهداً) و(مشاري) و(عبد الرحمن) و(عُمَرَ)
و(حسناً). فأما فيصل فقد قتل في حرب الدرعية بعد أن بارز وحصلت له الشهرة. وكذا قتل (إبراهيم) في تلك الحرب. و(ناصر) و(تركي) ماتا قبلهما. و(سعد) و(فهد) و(مشاري) و(عبد الرحمن) و(عمر) و(حسن) استصحبهم إبراهيم باشا إلى مصر مع أولادهم ونسائهم وماتوا هنالك. وأما (محمد بن سعود) فمن أبنائه (عبد الله) وهو الذي نصر أخاه (عبد العزيز) وقاتل معه أشدّ القتال، وقاتل الفرسان والأبطال، واشتهر في البسالة والشجاعة، فكم من كتيبة كرّ عليها ومزقها وقلَ جمعها.
ثم قام مقامه ابنه (تركي) بن عبد الله الذي قاد القبائل إلى طاعته، وأمرهم بإقامة أركان الدين بعد أن تهاون أكثرهم بالصلاة،
وتركوا الصيام، وعادوا إلى ما كانوا عليه من شعائر الجاهلية ، فقاتلهم على ذلك حتى أذعنوا وأطاعوا.
ثم خلفه (فيصل بن تركي) وهو الذي ظهر من حبس مصر، واستولى على بلاد نجد، وكانت بيد (عبد الله بن ثنيان) فحارَبَهُ
أشدّ الحرب، فنصره الله عليه مع شدة بأسه، فدانت له القبائل والبلدان، وسلكت جنوده في نجد وعمان، وجمع في سياسته بين
الشدة واللين، وكثرت عطاياه، وكان كثير الإكرام لأهل العلم وحملة القرآن، رؤوفاً بالفقراء والأرامل والأيتام، غير مائل إلى
سفك الدماء. وقد مدحه الشيخ (عثمان) قاضي نجد بقصيدة منها :
عفيف شريف النفس للفضل عارف حليم كريم سالم القلب منصف ولفيصل بن تركي ثلاثة أولاد: (عبد الله) و(محمد)
و(سعود). فأما (عبد الله ……….. (1) وأما (محمد) فهو مع أخيه عبد الله وفي طاعته. وأما (سعود) فقد كان بينه وبين أخيه
عبد الله منافسة فهرب إلى العسير خوفاً منه، ثم عاد وتغلب على الإحساء والقطيف وهو بصدد الإمارة في نجد، ولم يتمكن منها
إلى أن استولت عليها الدولة العثمانية. فهذا ما يتعلق بنسب آل سعود.
رسم حكومتهم:
كانوا يأخذون من أهل الحضر من كل مائة صاع من الحبوب خمسة أصوع، ومن كل مائة صاع تمر خمسة أصوع.. ومن أهل
البادية زكاة الإبل على الوجه المفصل في كتب الشريعة، وكذا من الغنم.
وأما ما يكون ريعه من الأنهر بلا سقي كالإحساء والقطيف ونحوهما فكان يؤخذ من المائة عشرة، وقد تضيق الواردات عن
مؤونة ما عليه لمشايخ القبائل من المرتبات، ومؤونة نفسه وأهله وأقاربه وعلمائه وقضاته والفقراء والعاجزين عن الكسب ممن في
بلاده وقراه. وليس لأمراء نجد عسكر موظف للحرب، بل إذا أراد القتال جمع من العشائر والقبائل نحو مائة ألف. وأما الموظفون
في خدمته على الدوام فنحو ألف. وكان نحو خمسمائة في الإحساء ومثلها في القطيف ومثلها في عُمان. ولعسكره مرتبات
جارية من القديم على أهل البلدان والبوادي . ك يعطي ما عليه بحسب قدرته ووسعه. وقد تقاتل المائة ألفاً من غيرهم لما هم عليه
من البأس والشجاعة وهم المراد بقوله تعالى : وسَتَدَعَونَ إِلَى قَوم أولى بأس شديده . وفي بلاد نجد كثير من التجار وذوي الثروة ،
والكثير منهم في نواحي البصرة، ومنهم في الكويت، ومنهم في الهند .
بعض من اشتهر من علماء نجد الأعلام
وما حدث منهم نشأ في نجد علماء أعلام، وفضلاء كرام، لا سيما في علوم الدين، وشريعة سيد المرسلين، ولا يمكن استيعابهم في مثل هذا المقام، فكم برع فيهم إمام. ولنذكر بعض من اشتهر ذكره في البلاد، وشاع صيته بين العباد . منهم :
الشيخ محمد بن عبد الوهاب
ابن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف بن عمر بن بعضاد بن ريس بن زاخر بن
محمد بن علي بن وهيب التميمي النجدي صاحب الدعوة المشهورة . وخصومهم يسمون أتباعه (الوهابية) وهذه النسبة ليست
بصحيحة والنسبة في الحقيقة إنما هي إلى الشيخ محمد لأنه [هو] الذي دعا الناس إلى ترك ما كانوا عليه من البدع والأهواء، ونصر
السنة، وأمر بأتباعها، وقد خالف أباه فيما كان عليه. وجرت بينهما مناظرات كما سيأتي إن شاء الله .
وقد نشأ الشيخ محمد(1) في بلد (المُيّيّنة) من بلاد نجد في حجر أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان القاضي في بلد العيينة
في زمن إمارة عبد الله بن محمد بن حمد بن عبد الله بن معمر المشهور صاحب العيينة التي تزخرفت في أيامه، وذلك قبل انتقال
الشيخ عبد الوهاب إلى بلد (حريملة) من بلاد نجد فقرأ الشيخ محمد على أبيه الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل)، وكان
الشيخ محمد في صغره كثير المطالعة الكتب التفسير والحديث والعقائد، فصار ينكر على أهل نجد كثيراً من الأمور فلم يسعفه
على ذلك أحد وإن استحسن إنكاره بعض الناس، فسافر من بلد العيينة إلى حج بيت الله الحرام فلما قضى نسكه سار إلى المدينة
فأخذ فيها عن الشيخ العالم (عبد الله بن إبراهيم بن سيف) من آل سيف رؤساء بلد (المجمعة) المعروفة في ناحية سدير من نجد.
والشيخ عبد الله هو والد الشيخ إبراهيم) مصنف كتاب (العذب الغائض، في علم الفرائض).
وأنكر الشيخ محمد استغاثة الناس بالنبي ؟ عند قبره. ثم رحل إلى (نجد) ثم إلى البصرة) يُريد (الشام). فلما ورد البصرة
أقام فيها مدة وأخذ فيها عن العالم الشيخ محمد المجموعي) من أعلى المجموعة محلة من محال البصرة، فأنكر أيضاً أشياء
كثيرة على أهل البصرة فأحسنَ الناس به فآذوه وأخرجوه وقت
الهجيرة، ولحق بعض الأذى بالشيخ محمد المجموعي أيضاً المؤاواته للشيخ محمد. فلما خرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب
هارباً من البصرة وتوسّط الطريق فيما بين البصرة وبلد (الزّبَيْر) في وقت الصيف في شدة الحر وكان ماشياً على رجليه، كاد يهلك
من شدة العطش، فوافاه رجل من أهل بلد الزبير يسمى (أبا حميدان) ووجده من أهل العلم فسقاه الماء وحمله على حماره
حتى أوصله إلى بلد الزبير .
ثم إن الشيخ محمد أراد السفر إلى الشام) فضاق زاده فانثنى عزمه عن الشام، فقصد (الإحساء) فنزل بها عند الشيخ
العالم (عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الشافعي الإحسائي. ثم خرج من الإحساء، وقصد بلد (حريملة) من نجد، وكان
أبوه الشيخ عبد الوهاب قد انتقل إليها من بلد العيينة سنة تسع وثلاثين ومائة وألف بعد وفاة (عبد الله بن معمر) صاحب العيينة في
الوباء الذي وقع بها فأفناها . وتولى فيها بعده ابن ابنه (محمد بن حمد) الملقب بخرفاش، فوقع بينه وبين الشيخ عبد الوهاب منازعة
فعزل الشيخ عبد الوهاب عن قضاء بلد العيينة، وجعل مكانه أحمد بن عبد الله بن عبد الوهاب بن عبد الله النجدي قاضياً،
فانتقل الشيخ عبد الوهاب إلى بلد حريملة، ولما وصل الشيخ محمد إلى بلد حريملة لازم أباه وقرأ عليه وأظهر الإنكار على أهل
نجد في عقائدهم فوقع بينه وبين أبيه منازعة وجدال وكذلك وقع بينه وبين الناس في بلد حريملة جدال كثير فأقام على ذلك مدة
سنين حتى تُوفي أبوه الشيخ عبد الوهاب سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف.
ثم أعلن الشيخ محمد بالدعوة والإنكار على الناس، وتبعه أناس من أهل حريملة، واشتهر بذلك. وكان رؤساء بلد حريمة
قبيلتين أصلهما قبيلة واحدة وكل منهما يدعي الرئاسة، وليس في البلد رئيس يحكم على الجميع، وكان لإحدى القبيلتين عبيد يقال
الهم الحميان) وهم أهل الفساد، فأراد الشيخ محمد أن يمنعهم من فسقهم وفجورهم، وأمرهم بالمعروف، ونهاهم عن المنكر،
فهم العبيد ليلاً بقتل الشيخ محمد خفية، فلما تسوّروا عليه من وراء الجدار عَلِم بهم بعض الناس فصاحوا بهم وهربوا، فانتقل الشيخ
محمد من حريملة إلى بلد العيينة ورئيسها يومئذ (عثمان بن حمد بن معمر) فتلقاه بالقبول وأكرمه، وحاول نصرته وقال لعثمان: إني
أرجو إن أنت قمت بنصر «لا إله إلا الله أن يظهرك الله وتملك نجداً وأعرابها، فساعده عثمان فأعلن الشيخ محمد بالدعوة ،
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وشدّد في النكير على الناس فتبعه بعض أهالي العيينة، وقطع أشجاراً كانت تعظم في تلك
النواحي وهدم قبة قبر (زيد بن الخطاب رضي الله عنه التي عند الجبيلة، فعظم أمره فبلغ خبره إلى (سليمان بن محمد بن عزيز
الحميدي) صاحب الإحساب والقطيف وما حوله من العربان، فأرسل سليمان كتاباً إلى عثمان، وكتب فيه: «إن المُطوّع الذي
عندك قد فعل ما فعل وقال ما قال فإذا وصلك كتابي فاقتله، فإن لم تقتله قطعنا خراجك الذي عندنا في الأحساء». وكان خراجه
ألفاً ومائتين ذهباً، وما يتبعها من طعام وكسوة.
فلما ورد الكتاب إلى عثمان لم تسعه مخالفته فأرسل إلى الشيخ محمد وأخبره بكتاب سليمان، وقال له : لا طاقة لنا بحرب
سليمان، فقال الشيخ محمد له: إنك إن نصرتني ملكت نجداً . فأعرض عنه عثمان. وأرسل إليه ثانياً أن سليمان قد أمرنا بقتلك، ولا نستطيع مخالفته، ولا طاقة لنا بحربه، وليس من الشيم والمروءة أن نقتلك في بلدنا، فشأنك ونفسك وخل بلادنا . فأمر
فارساً يقال له (الفريد) الظفيري بإخراجه من البلد، فركب الفارس جواده والشيخ يمشي على رجليه أمامه وليس معه إلا المروحة
وذلك في أشد الحر من الصيف، فهمّ الفارس بقتله على الطريق، فكفت الله تعالى يده عنه لما أصابه من الرعب والخوف العظيم.
وخلى سبيل الشيخ. قيل إن عثمان بن معمر هو الذي أمر الفارس بقتل الشيخ، وكذب بعضهم ذلك .
فسار الشيخ محمد إلى الدرعية ، وكان ذلك سنة ستين بعد المائة والألف، ووصل إليها وقت العصر فنزل في بيت (عبد الله بن
سويلم العريني) فلما دخل عليه ضاقت به داره، وخاف على نفسه من محمد بن سعود صاحب الدرعية، فوعظه الشيخ، وسكن جأشه
وروعه، وقال : سيجعل الله لنا ولك فرجاً، فاستقر فأراد أن يخبر محمد بن سعود بحاله ويرغبه في نصرته؛ فالتجأ إلى أخويه
مشاري) و(ثنيان) ولدي سعود، وزوجته (موضي بنت أبي وحطان) من آل كثير، وكانت ذات عقل وفهم، فأخبروها بحال
الشيخ وصفته من الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فقذف الله تعالى محبة الشيخ في قلبها فأخبرت زوجها
محمد بن سعود بحاله وقالت له: إن هذا الرجل أتى إليك وهو غنيمة ساقها الله تعالى إليك، فأكرمه وعظمه واغتنم نصرته. فقبل
قولها، وألقى الله تعالى محبته في قلبه، ورغبوا محمد بن سعود في زيارته لعل ذلك يكون سبباً لتعظيم الناس له وإكرامه؛ فسار
محمد بن سعود إليه فلما دخل عليه في بيت ابن سويلم رحب به وقال : أبشر بالخير والعز والمنعة. فقال له الشيخ: وأنا أبشرك
بالعز والتمكين والغلبة على جميع بلاد نجد، وهذه كلمة «لا إله إلا الله» من تمسّك بها وعمل بها ونصرها ملك بها البلاد والعباد،
وهي كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم. ثم أخبره الشيخ بما كان عليه رسول الله ، وما دعا
إليه، وما عليه أصحابه من بعده في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله تعالى، وبأن كل بدعة ضلالة؛
وأخبره أيضاً بما عليه أهل نجد من البدع والجور والاختلاف والظلم. فلما تحقق (محمد بن سعود المصالح الدينية والدنيوية فيما
ذكره الشيخ؛ قبل ذلك، وقال له: يا أيها الشيخ! إن هذا دين الله ورسوله * الذي لا شك فيه، فابشر بالنصرة لما أمرت به،
وبالجهاد مع خالفك؛ ولكن أشترط عليك شرطين: الأول إذا نحن قمنا بنصرتك، والجهاد في سبيل الله تعالى وفتح الله لنا البلاد؛
فلا ترحل عنّا ولا تستبدل بنا غيرنا. والثاني إن لي على أهل الدرعية خراجاً آخذه منهم وقت الثمار، فلا تمنعني من أخذه
منهم. فقال له الشيخ: أما الأولى فامدد يدك. فمدها وقبضها وقال له : الدم بالدم والهدم بالهدم، وأما الثانية فلعل الله تعالى
يفتح عليك الفتوحات فيعوضك من الغنائم ما هو خير منه. فبايع محمد بن سعود الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الجهاد والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى استقامة الشعائر؛ فقام الشيخ ودخل معه البلد فلما استقر في الدرعية أتى إليه من البلاد من كان
ينتسب إليه من رؤساء المعامرة) وغيرهم، وهاجر إلى الدرعية من حول عثمان بن معمر من الناس لما علموا نصرة الشيخ .
فلما علم عثمان بن معمر صاحب العيينة أن محمد بن سعود قد نصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأن أهالي الدرعية أيّدوه
وفرحوا به، وأنه هاجر إليه من كان في بلده، وأن أمره قد تأيد، ندم على ما فعل من إخراج الشيخ محمد من بلده، وعدم نصرته،
وخاف على نفسه عواقب الأمور فركب مع عدة رجال من أهل العيينة ورؤسائها، وسار إلى الشيخ محمد. فلما قدم عليه حته على
الرجوع معه، ووعده بالنصرة، فقال الشيخ: الأمر مفوض إلى محمد بن سعود فإن رخصني على الرجوع معك فقد ذهبت معك،
وإن أراد الإقامة عنده أقمت، ولا أستبدله بغيره وقد تلقاني بالترحيب والقبول والنصرة، إلا أن يأذن لي، فأتي عثمان بن معمر
إلى محمد بن سعود يسترخص للشيخ الذهاب، فأبى عليه ولم يجد عثمان إلى ما أتي إليه سبيلاً، فرجع إلى بلده، وندم ندماً عظيماً ..
وكان أهل الدرعية يومئذ في غاية الضيق والحاجة، وكانوا يحترفون لأجل معاشهم، ومع ذلك فقد كانوا يجتمعون في مجلس
الشيخ لسماع الحديث والوعظ، ويلازمون على ذلك.
قال الفاضل ابن بشر النجدي في تاريخه : ولقد شاهدت ضيقهم في أول الأمر ثم رأيت الدرعية بعد ذلك في زمن سعود وما
عند أهلها من الأموال الكثيرة وكثرة الأموال والأسلحة المحلاة بالذهب والفضة والخيل والجياد والنجائب العمانيات والملابس
الفاخرة وغير ذلك من أسباب الثروة التامة . بحيث يعجز عن عده اللسان، ويكل عن تفصيله البيان، ونظرت إلى موسمها يوماً في
الموضع المعروف بالباطن فرأيت موسم الرجال في جانب وموسم النساء في جانب آخر، فرأيت من الذهب والفضة والأسلحة
والإبل والغنم والخيل والألبسة الفاخرة واللحم والحنطة وسائر المأكل ما لا يمكن وصفه. والموسم ممتد مد البصر. وكنت أسمع
أصوات البائعين والمشترين وقولهم بعت واشتريت كدوي النحل . فسبحان من لا يزول ملكه .
ولما استوطن الشيخ محمد في الدرعية وكان أهلها في غاية الجهالة والتهاون بالصلاة والزكاة وشعائر الإسلام، علمهم الشيخ
معنى «لا إله إلا الله، وأنها نفي وإثبات فلا إله ينفي جميع المعبودات وإلا الله يثبت العبادة الله وحده لا شريك له . ثم علمهم
أصولاً وهي معرفة الله تعالى بآياته ومخلوقاته الدالة على ربوبيته وإلهيته كالشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والسحاب المسخر
بين السماء والأرض وبسائر الأدلة كالقرآن ومعرفة الإسلام وأنه تسليم الأمر الله تعالى والانقياد لأوامره، والانزجار عن مناهيه،
ومعرفة أركان الإسلام التي بني عليها، وما عليها من الأدلة كالقرآن ومعرفة النبي واسمه ونسبه ومبعثه وهجرته، ومعرفة
أول ما دعا إليه وهو كلمة لا إله إلا الله، ومعرفة البعث وأن من أنكره أو شك فيه فهو كافر وما على ذلك من الدلائل، ومعرفة دين
محمد وأصحابه رضي الله عنهم وهو التوحيد وسائر العبادات، وبالغ في منع الاستغاثة بمخلوق كائناً من كان.
فلما استقر ذلك في قلوبهم بعد الجهالة أشرب في قلوبهم حب الشيخ. ثم إنه كتب إلى أهل بلاد نجد وإلى رؤسائهم
وقضاتهم: يطلب الطاعة والانقياد فمنهم من أطاعه ومنهم من عصاه، واتخذه سخرياً، واستهزأ به، ونسبه إلى الجهل وعدم
المعرفة، ومنهم من نسبه إلى السحر، ومنهم مَن رماه بأشياء قبيحة. ثم أمر الشيخ أهل الدرعية بالمقاتلة معهم فامتثلوا أمره،
وقاتلوا أهل نجد والإحساء دفعات كثيرة إلى أن أدخلوهم إلى طاعتهم، وحصلت إمارة بلاد نجد وقبائلها جميعاً (لآل سعود)
بالغلبة. وكان الشيخ كثير العطايا بحيث كان يهب كل ما غنمه الجيش مع كثرته إلى رجلين أو ثلاثة، وكانت الغنائم تسلم بيده، ثم هو
يضعها حيث يشاء، ويعطيها إلى من يشاء، ولا يأخذ أمير نجد شيئاً من ذلك إلا بأمره، ولا يصدر جيش ولا يكون رأي للأمير إلا
بقوله ورأيه، وكانت طاعة أهل نجد للشيخ كطاعة الصحابة للنبي ، ولم يتفق لأحد من العلماء مثل ما اتفق له من طاعة
القوم وانقيادهم لأمره، وذلك من العجائب، وهو عندهم بمنزلة أحد الأئمة الأربعة إلى يومنا هذا، وإذا ذكره أحد بسوء قتلوه.
ولمّا فتحوا (الرياض) من بلاد نجد، واتسعت بلادهم، وأمنت الطرق، وانقاد لهم كل صعب، فوّض الشيخ أمور الناس
وأموال الغنائم إلى عبد العزيز الأمير وانسلخ الشيخ، وتفرّغ للعبادة وتعليم العلم، ولكن لا يقطع عبد العزيز الأمير ولا أبوه أمراً
ولا ينفذ حكماً إلا بأمر الشيخ محمد. وتُوَفي الشيخ المشار إليه سنة ست بعد المائتين والألف، وهي السنة التي غزا فيها (سعود بن عبد العزيز) ناحية جبل شمر، وأخذ أهله، وكسب منهم أموالاً كثيرة منها ثمانية آلاف بعير، وقتل منهم عدة رجال فأخرج خمسها وقسم الباقي على جيشه. وكان الشيخ محمد من بيت علم في نواحي نجد. وكان أبوه الشيخ عبد الوهاب (عالماً فقيهاً على مذهب الإمام أحمد. وكان قاضياً في بلد (العيينة) ثم في بلد حريملة) وذلك في أول القرن الثاني عشر. وله معرفة تامة بالحديث والفقه وغيرهما وله أسئلة
وأجوبة. وكان والد عبد الوهاب الشيخ سليمان عالماً فقيهاً بل أعلم علماء نجد في عصره، وله اليد الطولى في العلم. وانتهت
إليه رئاسة العلم في نجد: صنف ودرس وأفتى، إلا أن (الشيخ محمداً) لم يكن على طريقة أبيه وجده، بل كان شديد التعصب
اللسنّة، كثير الإنكار على من خالف الحق من العلماء والحاصل: أنه كان من العلماء الآمرين بالمعروف الناهين
عن المنكر، وكان يعلم الناس الصلاة وأحكامها، وسائر أركان الدين، ويأمر بالجماعات. وقد جدّ في تعليم الناس، وحثهم على
الطاعة، وأمرهم بتعليم أصول الإسلام وشرائطه وأحكام الصلاة وأركانها وواجباتها وسنتها، وسائر أحكام الدين وأمر جميع أهل
البلاد بالمذاكرة في المساجد كل يوم بعد صلاة الصبح وبعد العشاءين في معرفة الله تعالى ومعرفة دين الإسلام ومعرفة أركانه
وما ورد عليه من الأدلة. ومعرفة النبي محمد ة ونسبه ومبعثه وهجرته وأول ما دعا إليه من كلمة التوحيد وسائر العبادات التي لا
تنبغي إلا الله تعالى كالدعاء والذبح والنذر والخوف والرجاء والخشية والرغبة والتوكل والإنابة وغير ذلك، فلم يبق أحد من
عوام أهل نجد جاهلاً بأحكام دين الإسلام بل كلهم تعلموا ذلك إلى اليوم بعد أن كانوا جاهلين بها إلا الخواص منهم. وانتفع
الناس به من هذه الجهة الحميدة. وله من التصانيف كتب كثيرة. منها : كتاب التوحيد. وتفسير القرآن. وكتاب كشف الشبهات. وغير ذلك من الرسائل والفتاوي الفقهية والأصولية . أخذ العلم عن عدة مشايخ. منهم: (والده) والشيخ (محمد بن حياة السندي المدني والشيخ عبد الله بن سيف) وغيرهم. ويقال إنه قدم إلى (بغداد) وأخذ عن (صبغة الله الحيدري)(2). وأعقب أربعة أولاد كلهم من أجلة العلماء، وهم الشيخ (حسين) والشيخ عبد الله) والشيخ (علي) والشيخ إبراهيم) تغمدهم الله برحمته أجمعين آمين.
في ذكر المنازل والقرى التي حدثت في نجد
بعد ولاية الإمام (عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود)، وذلك بعد أن منّ الله على كثير من بادية أهل نجد بمعرفة
دين الإسلام والدخول فيه وذاقوا حلاوته بعد أن كانوا قبل ذلك في جاهلية جهلاء وضلالة عمياء لا يعرفون إلا ما كانوا عليه من
سوالف الآباء والأجداد وسفك الدماء ونهب الأموال وقطع الطريق وتحكيم طواغيتهم فيما شجر بينهم، وها أنا أذكرها على
سبيل التفصيل. فأما قري عتيبة ومنازلهم فمنها الغطغط وهو أكبرها وأكثر سكانها عدداً . وكان ابتداء عمارته سنة إحدى وثلاثين
وثلاثمائة وألف وهو من أراضي جو المتصلة به. وهو منزل هوذة بن علي الذي لبس تاج العرب والذين سكنوه اليوم قبائل
شتى. وهم من بَرَقا اليقظة والروسان والدعاجين والتَفَعَة والتغالبة والعصمة ولهم بادية كثيرون وأميرهم اليوم (سلطان بن بجاد بن
حميد). وهو الذي فتح الله على يديه الطائف ومكة المشرفة لما سار بأمر الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل أعزه الله
بطاعته إليهما فهدم ما فيهما من القباب المبنية على القبور المعبودة من دون الله . ومن أعظمها القبة التي بنيت على قبر عبد الله بن
عباس رضي الله عنهما . ثم لما فتح الله جدة على يد الإمام هدم جميع ما فيها من القباب وهدم سائر ما بقي في بلد الله الحرام من
ذلك. ثم بعث إلى المدينة بعثاً فهدم جميع ما فيها من القباب وذلك من فضل الله ومنته فلله الحمد والمنة . ومنها قرية عَرَوَى
وسكانها من المقطة والتفعَة وأميرهم جهجاه بن بجاد بن حميد.
ومنها قرية نام وسكانها العصمة وأميرهم سلطان أبو العلاء. ومنها قرية الروضة وسكانها من الشيابين وأميرهم ماجد بن
ضاوي بن فهيد. ومنها قرية الحفيرة في العَرَض وسكانها الدعاجين وأميرهم الهيضل. ومن قبائل عتيبة الروقة. ومن قراهم
الداهنة وفيها عدد كثير من الروقة وأميرهم عبد الرحمن بن تركي بن ربيعان من ذوي ثبيت ولهم بادية كثيرون. ومنها قرية ساجر وهم من الروقة أيضاً من الحَنَاتِيش وأميرهم بندر بن جعيلان ولهم بادية كثيرون. ومنها قرية عسيلة وهم من الروقة أيضاً من طلح أميرهم نافل بن طويق ولهم بادية كثيرون. ومنها المُوح وسكانه الغربية من الروقة. ومنها قرية عرجا وسكانها من الروقة وهم الدلابحة، والحماميد ولهم بادية. ومنها قرية نفي وهم من الروقة وهم المزاحمة والمراشدة والغبيّات ولهم بادية كثيرة وأميرهم تركي
اليط. ومنها قرية الكيد وأهلها من الروقة من الحناتيش وأميرهم فلاح بن مُحَيّا . فهذه عدة قراهم وقبائلهم.
وأما مطير فمن أكبر قراهم بلدة الأرطاويّة وفيها عدد كثير وقبائل من شمّر وغيرهم ولهم بادية كثيرون وأميرهم فيصل بن
سلطان الدويش من المؤهة وكان ابتداء عمارتها سنة ثلاثين وثلاثمائة وألف. ومنها قرية مبايض وفيها قبائل من مطير كثيرون
ولهم بادية وأميرهم طامي القريفة . ومنها قرية بؤضا وسكانها من مطير ولهم بادية وأميرهم كميخ المُفَتا ومنها قرية اللصافة وسكانها
من مطير من الجبلان وأميرهم صاهود بن لامي ولهم بادية ومنها قرية العليا وسكانها من مطير وأميرهم تريحيب بن شقير من
الأوشان وفيها قبائل غيرهم ولهم بادية كثيرة ومنها قرية السفلا وسكانها المُمَيّة من مطير ورئيسهم هائف المُعَم ولهم بادية كثيرة
ومن قبائل مطير بريه وبني عبد الله ومن قراهم الفروثي وسكانه من الصّغران وأميرهم مشاري بن بصيّص ولهم بادية كثيرون ومنها قرية مليح وسكانها من بني عبد الله وأميرهم علوش بن قيّان ولهم بادية ومنها قرية العمار وسكانها بنو عبد الله وأميرهم عبد
المحسن بن جبرين ولهم بادية ومنها قرية الثامرية وسكانها الحمادين من الصعران وأميرهم يعقوب الحميداني ولهم بادية
ومنها قرية وضاخ وسكانها من بني عبد الله وأميرهم نائف بن ضمنه ولهم بادية ومنها قرية الأثلة وسكانها من بني عبد الله
وأميرهم ” ابن شرار ومنها قرية الأرطاوي وسكانها من بني عبد الله وأميرهم قعدان بن درويش. وأما حرب فمن قراهم بلد
دخنه وهي أكبرها وأكثرها عدداً وهم قبائل شتى وأميرهم عائد البهيمي من بني سالم ولهم بادية كثيرون. ومنها قرية الشبيكية
وسكانها من بني سالم وأميرهم هندي الذويبي ولهم بادية كثيرة . ومنها قرية الفوارة وسكانها من بني سالم أيضاً وأميرهم حجاب بن
نجيب ولهم بادية . ومنها قرية الدليمية وسكانها من بني سالم أيضاً وأميرهم زين بن جديع ولهم بادية . ومنها قرية القرين وسكانها من
بني سالم أيضاً وأميرهم عبد المنعم بن ناقي. ومنها قرية مسكة وسكانها من بني سالم وأميرهم حجاب بن خريص ولهم بادية .
ومنها قرية القواره وسكانها من بني علي وأميرهم…… …(2) ومنها ………(3) ومنها قرية البُرُود وسكانها من
بني علي وأميرهم ابن حماد ولهم بادية كثيرة. ومنها قرية خصيبة وسكانها من بني علي. ومنها قرية اقبه وسكانها من بني
علي ولهم بادية كثيرون وأميرهم عبد المحسن العَرَم.
وأما سَمُر فمن قراهم الأجفر وسكانها من عَبْدة وغيرهم وأميرهم ندا بن نهير ولهم بادية كثيرة. ومنها قرية النّم وسكانها
السويد وأميرهم فريح الحمزي ولهم بادية. ومنها قرية الحفير وسكانه من سنجارة وأميرهم كاتب النماصي، ولهم بادية. ومنها
أم القلبان وسكانها من سنجارة أيضاً ، وأميرهم غضبان بن رِمَال، ولهم بادية كثيرة. ومنها قرية متالع، وسكانها من السويد أيضاً،
وأميرهم فريح الهزبيد، ولهم بادية ومنها قرية الروضة وسكانها الغيئة من شمّر، ولهم بادية وأميرهم………. ومنها
قرية القصير، وسكانها من سنجاره أيضاً، وأميرهم حواس بن خمان، ولهم بادية . ومنها قرية الصفرا وسكانها من الأسلم،
وأميرهم مغيلث، ولهم بادية . ومنها الثعيلبي، وسكانها من الأشكم، وأميرهم سلطان، ولهم بادية . ومنها العُقَيم وسكانه من
الأشدّم أيضاً، وأميرهم ابن لغيصم. وأما عيرّة فقد استوطن فريق منهم الرديهة، وسكانها الغضاورة، وأميرهم عيد بن سويلم.
وأما قحطان فمن قراهم الرّيْن، وهي قريتان، وسكانها ابن قرملة وجماعته وابن سفران وجماعته وابن سعيدان وجماعته،
وأميرهم ناصر بن جفين، ولهم بادية كثيرون. ومنها قرية سَبْحَا وفيها قحاطين ومعهم عائض الحميداني من يام، ولهم بادية
وأميرهم(1)………. وفي الحصاة ثلاث قرى : أحدها خيم وأميرهم ابن غيث والحلقة وقرية ابن حُويل من آل محمد. ومن
قري قحطان وهي قرية كبيرة المسماة بالهياثم وسكانها العاصم وأميرهم فيصل بن حشر، ولهم بادية كثيرة. ومنها قرية المنيصف،
وسكانها آل مسعود وأميرهم مُعِيض بن عبود ولهم بادية كثيرة. ومنها قرية تسمى الزبارة في بن قريب من بلد الرياض وسكانها آل
خامسة. ومنها قرية الجفير وسكانها آل صفيان من آل عاصم وأميرهم ابن سدحان. وأما شبّيع فمن قراهم الضبيعة وهي أكثر قراهم عدداً ، وسكانها من بني عامر . وعجمان الرخم وأميرهم علي بن هديهد، ولهم بادية كثيرة لم يستوطنوا منزلاً إلى الآن. ومنها قرية
الأخضر، وسكانها الأمرّة وأميرهم الضويري بن علوش بن جفران. ومنها قرية الجسي وسكانها العرينات وأميرهم فدغوش
ابن شويه . وأما السهول فمن قراهم المشاش، وسكانها آل محيميد والسلح ورويغب وسكانه أيضاً آل مُحَيميد وآل منجل، كذلك بلد
الرويضة سكانها آل محيميد. فثلاث هذه القرى جميع من فيها من آل محيميد. ومنها البدع وسكانها الظهران وأميرهم برجس بن
جليدان بن معدل . ” وأما العجمان فمن قراهم الضرّار وسكانها آل ناجعة ورئيسهم ضيدان بن حثلين ولهم بادية . ومنها حَنِين وسكانه آل سفران ورئيسهم ابن منيخر ومنها قرية عريعرة وسكانها آل ضاعن وأميرهم مانع بن جمعة . ومنها دليمر وسكانها من آل سفران وأميرهم… …… …. ومنها الصحاف. ومنها مغطي وسكانها آل مفلح، وأميرهم محمد بن دبلان. ومنها العقير وهو قريب من
الضرّار وأميرهم صالح بن عواد. ومنها أم رُبّيعة وسكانها آل عرجا، وأميرهم ملهي بن قضعان. ومن قراهم سميح، وسكانه
قبيلة من آل شامر وأميرهم ابن زنيفر . وأما بنو هاجر فمن قراهم عين دار ورئيسهم ابن خليفة محمد بن ناصر. ومنها صلاصل وأميرهم علي بن عائد. ومنها يكرب وسكانه آل محمد من بني هاجر، وأميرهم ابن طغرة. ومنها قودة وسكانها المخضبة من بني هاجر، وأميرهم ابن شافي. وأما بنو خالد فمن قراهم الدفي وسكانه قبيلة يُسَمّون العمائر وأميرهم فارس بن محمد ولهم بادية كثيرون لم يستوطنوا إلى الآن. ومن قراهم الأبيض وسكانه آل مُبَيّح وأميرهم محمد بن عجران.
وأما العوازم فمن قراهم مصلخ وأهله البريكات وأميرهم حبيب بن جامع. ومن قراهم……… وأميرهم محمد بن معتقه. ومن قراهم تاج وسكانه الملاعبة وأميرهم مبارك الملعبي . ومن قراهم عتيق وأهله الهدالين وأميرهم شويمي بن سويحان . ومن قراهم الجسي وسكانه ………… وأميرهم … ….. … والعوازم بادية كثيرة ولهم أموال من الإبل والغنم ولم يستوطنوا قرى إلى الآن.
وأما زغب فمن قراهم القرادي وسكانه الغوانم وأميرهم منديل بن سحوب. وبقيتهم لم يستوطنوا منزلاً غير هذه القرية .
وأما آل مرّة فمن قراهم يبرين وسكانه آل جابر وأميرهم حمد المرضف وتسمى قريتهم الخن. ومن قراهم البدع وسكانها آل
بحيح، وأميرهم راشد بن نديلة. ومن قراهم مباك، وسكانها آل عذبة . وأميرهم سعود بن نقادان. ومن قراهم السكك وسكانها آل
جفيش. وأميرهم حمد بن فاضل . وأما بام فقد استوطنوا قريتين من يدمة، ولهم قرية أيضاً في الخرج تسمى الحريدي. وأميرهم محمد بن ضبية . هذا آخر ما أردنا إيراده من ذكر قرى المهاجرين الذين تركوا البادية ونزلوا في القرى التي حدثت بعد ولاية الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود. وإذا تحققت ذلك. وعلمت أيها الواقف على هذه الأوراق فاعلم أنا لم نستقص جميع قرى نجد على التفصيل. بل أجملنا أكثر قراها كما أجملها السيد محمود شكري. وفصلنا بعض قرى نجد حيث فصل في بعضها. وجميع من ذكرنا داخلون في راية الإمام عبد العزيز من صبيا إلى الحجاز . ومن الحرمين إلى البلقاء وما في هذه الأمكنة من القرى والبوادي التي يعز ذكرها من جهينة وبلي وحرب. ومن القنفذة إلى ينبع ورابغ. ومن بلاد عسير إلى الجوف ومن جدة إلى ساحل البحرين كلهم آمنون مطمئنون لا يخشون إلا الله . والمسافرون إلى هذه القرى والمجتازون بأولئك البوادي والأعراب الذين ذكرناهم آنفاً الذين لم يهاجروا مع من هاجر منهم لا يأخذون خفيراً يكونون في ذمته وجواره وحمايته عن عدوان اللصوص وقطاع الطريق الذين كانت هذه أخلاقهم قبل ولاية الإمام عبد العزيز أعزه الله بطاعته على ما كانوا عليه في جاهليتهم. كما قال الشاعر :
فيوماً على نجد وغارات أهله ويوماً بأرض ذات شث وعرعر وإذا تحققت ذلك كذلك فلا غرو من هذا ولا عجب. فإن
الإمام عبد العزيز ولله الحمد والمنة قد سار على آثار آبائه وأجداده الذين أقاموا أوَدّ هذا الدين بعد اعوجاجه ونصروه حتى علا أمره
وعرّت كلمته وجاهدوا في الله حق جهاده . كما قال الشيخ أحمد بن علي بن مشرّف رحمه الله تعالى:

© موقع كنز العلوم.  جميع الحقوق محفوظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى