المقدمــــــــة:الحمد لله رب العالمين الصﻼة والسﻼم على رسول الله محمد بن عبد الله اشرف الخلق المرسلين وبعد فهذا التقرير مبسط اخترناه ليتناول موضوعا تاريخيا وحضاريا هامه يسرد نبذه مختصره عن إمبراطوريه عمانية في زمن بني خروص((اليحامده)) وسائر البﻼد التي كانت تحت سلطتهم في ذلك الوقتقاﻻلله تعالى ” لقد كان في قصصهم عبرة ﻷولي اﻷلباب “(1) وهي لعمري عبرة بالغة لمن يطيل التأمل والتفكر حيث جاد نظام اﻹمامة في عمان ليكون دعامة أساسية ﻹرساء الدين الحنيف ونشر وترسيخ جذوره:تبدأ الوقائع المدونة عن تاريخ الدولة العمانية برصد هجرة مالك بن فهم مع عائلته وقبيلة اﻻزد من مأرب إلى الساحل عمان حيث استقروا بادىء اﻷمر في قلهات وتشتمل كتب التاريخ على بعض اﻷمور التي تكرر تأكيدها أو بعض اﻷساطير حول انهيار سد مأرب في القرن اﻷول الميﻼدي وكيفية هجرة قبيلة اﻻزد إلى عمان بعد انهيار السد وتم ذلك في احد الفصول التاريخية المعقدة لتنقﻼت القبائل في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية على طول طويﻼ وتقول الحوليات إن مالك بن فهم وصل قبيل تحول قبائل عربيه إلى اﻹسﻼم وفي الواقع إن قبائل اﻻزد وصلت إلى عمان على شكل موجات متعددة على اﻷقل منذ القرن اﻷول الميﻼدي إن لم بكن قبل ذلك . وكانت أخرها حوالي القرن السابع الميﻼدي حين انتصروا على الجيش الساساني واحتﻼل البﻼد بأسرها. وقد اعتنق شعب عمان اﻹسﻼم عام (630) ميﻼدية في أثناء حياة النبي (ص) وكان ذلك بداية عهد جديد لﻸمة وفي عام(650) انضم العمانيون إلى جيش علي بن أبي طالب في أحقيته في الخﻼفة وكان ذلك أحد عوامل نشأة المذهب اﻻباضي اﻹسﻼمي وإقامة اﻹمامة فيها وإما عن كيفية انتخاب العمانيون لﻸمامهم فكان يجب أن يكون اﻹمام شخص تقيا ورعا ذا إلمام بالتشريع اﻹسﻼمي ويتجمع عدد كبير من اﻷهالي المشهود لهم باﻷيمان التام مع رؤساء القبائل وكبار القوم في المجتمع لترشيح وانتخاب اﻹمام. وكانت القبائل الرئيسية التي ينحدر منها أﻻئمه هي قبائل (الجلندى وبنوخروص “اليحامده” والنباهنه — حكام هذه القبيلة تركوا تلك الوسيلة واتبعوا أسلوب التعين بالتوريث ويعرفون بالملوك أكثر منهم بﻼئمه—ثم اليعاربه والبوسعيد—الذي كان حكامهم يتبعون أسلوب التعين بالتوريث أيضا مثل النباهنه ويعرفون بالسﻼطين–.نسب بني خروص في عمان:ينتسب بنو خروص ((اليحامده)) من اﻻزد بعمان وهم بنو خروص بن شاري بن اليحمد بن حمى وهم حضيرة اﻻمامه وبيت العلم والعمل وأهل فضل الشرف الديني وسياسي ومنهم أﻻئمه اﻷمجاد والعلماء الفطاحل ليس القوم في حاجه إلى تعريف بهم في مصاف القبائل ولهم وادي معروف بوادي بني خروص الذي ينحدر من الجبل اﻷخضر من سفحه النعشي فيمر على بلده اﻷبيض وبها يعرف الوادي في جانب ****** وتقع بلدة سوني في نحرة وهي معروفه أﻻن بالعوابي(1).بنو خروص اشرف قبيلة في باب العلم والدين والتقوى وهم ليس قبيلة يتفق العمانيون على إمامتهم منها؛ إذا ﻻ يخشى أهل عمان منهم تسلطا على الملك بالوراثة وﻻ يطالبون به على هذا الوجه فلذالك أكثر أﻻئمه عمان منهمقال الشاعر:والى اليحامدة الكرام تناهت………وبها منهم مثنت امراءمنهم الوارث اﻻمام بن كعب………ليتها القرم بدرها الوضاءوتوالت ائمة من خـروص ……..سادة قادة الهدى علماءقام سلطانهم على العدل عهدا……..وعلى العدل يستطاب الثناء(2)وقال رسول (ص)(الناس معادن. الحديث وبنو خروص معدن دين وإيمان والعلم والعمل؛ وهدى تقوى طلية العهد اﻹسﻼمي في عمان، فخرجت منهم أئمة أنجبها الدين واﻷيمان إلى هذا العهد)(3) ومنهم ستة وثﻼثون أيماما كلهم من أفاضل العلماء والمشايخ ويسعنا في هذا البحث إﻻ إن نتحدث عن ثﻼثة منهم فقط وهم على النحو التالي:اﻹمام الوارث بن كعب الخروصي اليحمديبعد وفاة محمد بن أبي عفان بويع الوارث بن كعب باﻻمامه وهو من أهل بلدة هجار من وادي بني خروص، وﻻ يخفى إن بني خروص في عمان حصيرة اﻻمامه ومنبت الورع وبيت القصيد في الفضل دينا وأيمانا وزهدا وورعا ومعدن فضل في ﻻينكره اﻻجاهل وكيف يلحق عين الشمس نكران.كان الوارث بن كعب أول إمام من هذه القبيلة النبيلة، ثم توالت اﻹمام منهم.ومن حيث إن الوارث أول حجر الدوله اليحمديه وعاش اﻹمام اثني عشره سنه واشهر إذا بويع في ذي القعدة سنه 197هـأسباب اختياره لﻼمامه:1- عدله وورعه2- حكمته وتفقه في الدين3- معرفته في الشؤون الدولة داخليا وخارجيا((سياسته))أعمالـــه:1-حماية عمان من عدوان الخارجي: لما تسببت للرشيد الخﻼفة العامة وقر كرسي سلطته في بغداد التقت إلى الممالك ليردها إلى أمرة المالك وكانت عمان كما علمت عنها مستقلة ذاتين تخضع للحكام محليين في زمن ملوك بني أمية و العباسيين أيضا وبعد ذلك حاول هارون الرشيد ردها إلى خﻼفته برغم رغبتها فجهر لها ابن عمة عيسى ابن جعفر ابن المنصور وعقد له للواء على ستة آﻻف مقاتل فيهم ألف فارس وخمسة آﻻف راجل وجعل له وﻻيتها من غير أن يرسل للعمانيين ويعلم ما عندهم بل اعتمادا على القوة وتحمﻼ للغرطسة فجاء يسحب جيشه مذكور وبلغ العمانيين نبأ خروجه عليهم ليمحوهم من الوجود اﻻباضي إلى غيره ولكن لحم برض العمانيون ذلك مكتب داود بن يزيد المهلبي إلى والي صحار ووالي صحار كتب إلى اﻹمام الوارث بن كعب مكتب اﻹمام إلى واليه مقارش بن محمد اليحمدي وبعث إليه ثﻼثة آﻻف مقاتل فتلقاه الوالي المذكور في (( حتى)) بشمال صحار فدارت رحى الرب بينهم فأمكن الله من جيش عيسى بن جعفر بعد تمزق قوته وأسر اﻷكثر فهرب عيسى على وجهه إلى سفنه ليتخلص بها فقام له الليث الهعور أبو حميد بن فلج الحداني ومعه عمر وبن عمر في البحر ثﻼثة مراكب فدخل علبهم أبو حميد بمركبه حتى تغلغل فيهم فسقط على عيسى بن جعفر فأسره وخرج به إلى صحار محبس في صحار وتجهز اﻹمام من نزوى للقاء عيسى بن جعفر ﻷنه ﻻ يدري ماذا يكون منه وهل ينتصر أو يغلب فان جيوش بغداد مازالت تدق عمان دقا عنيفا والحرب مستمرة ولما وصل اﻹمام سبقهم خارجا على طريق الظاهرة ﻻن الغرة دائما يكونون من هذا الطريق.وها هنا وافاه الخبر بهزيمة عيسى بن جعفر فرجع إلى نزوى، ولما بلغ الرشيد خبر هزيمة جيشه الغازي عمان، وبلغه أسر ابن عمه عيسى، وانه اﻵن في يد عدوه هذه ذلك على حرب عمان، فهم بإنقاذ جيش كثيف لعمان ليمحو اﻵثار، وينشر في أهل عمان الدمار، حتى بلغ خبره أهل عمان وﻻ شك أن أهل عمان يتوقعون منه ذلك، فارتاع أهل عمان لذلك واهتموا من قبله أي اهتمام قم في هذه اﻷثناء قضى الله على هارون الرشيد بالموت، فمات في ليلة السبت من جمادى اﻵخر سنة 193 وأراح الله منه اﻷمة وتلك الدنيا لم تر عمان أيام اﻹمام الوارث سواء ولم يغزها غاز بعد عيسى بن جعفر، واطمأنت البﻼد واستراحت العباد وظهرت معالم الرشاد. وكبح الله جناح أهل العناد وانقطعت شأفة الفساد وصارت عمان خير دار وذلك كرامة اﻹمام البطل المغوار، وممدود من السماء بالكرامات الكبار.2-شجع على الزراعة في جميع أنحاء عمان حتى كانت عمان في زمن الوارث مكتفية ذاتيا وخاصة من الطحين(البر) وتمر (السح)( ).قام بصناعة السفن الحربية لحماية الشواطئ العمانية من الغزاة الخارجيين وقام أيضا بصناعة السفن التجارية التي وصلت إلى الهند وباكستان واليمن للتجارة ونشر اﻹسﻼم..وفاتــــه:كانت وفاة اﻷمام الوارث رحمه الله في اليوم الثالث من جمادى اﻷولى سنة 192 هـ. كان سبب موته انه غرق في سيل وادي ليسوه من نزوى وغرق معه سبعون رجﻼ من أصحابه. ومات هارون الرشيد بعده بسنة واحدة فقط إذ مات كما أسلفنا سنة 193 هـ وأراح الله اﻷمة من شره وشره ذويه.اﻹمام المهنا بن جعفر اليحمدي الخروصياﻹمام المهنا بم جعفر اليحمدي الخروصي: كان أعظم إمام في آل اليحمد بن حمير وان عظمته كانت دينية ودنيوية، وقت قام بواجبه في عمان حتى عظم قدرها في أيامه وعلى شأنها في عهده، وطار لها حيث وسمعه في لبﻼد العربية المجاورة لها. وكان يلقب ذا الناب ﻷنه إذا غضب خرج ذلك الناب وربما مات من هيبته بعض الناس بويع في اليوم الذي مات فيه سلفه وهو يوم الجمعة الثﻼثون من رجب سنة 226هـ و قال الشاعر:والمهنا ومن كمثل المهنا قوة لم تجئ بها اﻷقوياءوقال أبو الحسن لم نعلم أن أحد أظهر عليه منكرا من عظمه المهنا في عمان كما قال اﻹمام، كان المهنا رجﻼ مهيبا وكان له حزم في رأيه، وكان ﻻ يكلم أحد في مجلسه، شرف الرقاب وعن سلطان التقي، قال: وﻻ يعين خصما على خصم وﻻ يقوم أحد من أعوانه مادام هو قاعدا حتى ينهض، هي هيبة اﻹسﻼم تدهش كل من يدنو إليها والهدي روع العداء. يا لتلك اﻷيام ما أحلها ولتلك اﻷعمال ما أعﻼها، حيث يكون العامل يقوم بأعماله باسم اﻹمام العدل كالمهنا بن جيف. وقال أحد المؤرخين العمانيين: وﻻ يدخل أحد العسكر ممن يأخذ النفقة إﻻ بالسﻼح، أي ﻻ يدخل على اﻹمام المهنا عسكره إﻻ وهم مسلحون، حتى الهيبة لباس الشراة وتيجان رجال الدولة، وهو أيضا عنوان الحماس، قال وكان له ناب يفتر عنه إذا فتظهر له هيبة عظيمة، أي إذا غضب إلى أن يظهر نابه فان له هيبة تأخذ من القلوب مأخذها.قوة الدولة أيام المهنا بن جعفرأعلم أن اﻹمام المهنا بن جعفر رحمه الله، جد في تقوية الدولة في عمان، ﻻ رغام اﻷعداء وكبح جناح أهل الباطل فيها، فجمع قوته إذ ذلك فكانت مضرب المثل في ذلك العصر، كان رحمه الله كما يقول اﻹمام نقﻼ عن اﻹعﻼم: اجتمعت إليه من القوة البحرية ما شاء الله. قيل انه اجتمع في البحر أسطول عظيم ضخم بلغ ثﻼثمائة بارجة حربية مسلحة بالسﻼح العصري، تحمل راية اﻹمام مهيأة لحرب العدو، وأنها لعظيمة في ذلك الوقت بالنسبة إلى عمان في الجزيرة العربية. قال وكان عنده في نزوى سبعمائة ناقة وستمائة فرس تكب عند أول صارخ قال فما ضنك بباقي الخيل والركاب، في سائر ممالكه، قلت إذا كانت هذه قوة نزوى فقط وهي في قلب عمان الداخلية، ففي الثغور أعلى من ذلك أكثر من ذلك وأجل،قال العﻼمة الصبحي رحمه الله: بلغني انه كان عند اﻹمام المهنا بن جعفر تسعة آﻻف مطية، قال: ولعلها لبيت المال، قلت ﻻ شك أنها لبيت المال، فان الهمنا ﻻ مال له إﻻ أموال المسلمين، وإذ ذلك فعمان ﻻ جمارك فيها وإنما المراد ببيت المال الزكاة فقط، وما يغنم المسلمين في الفتوح من الكفار، قال الصبحي رحمه الله: كانت عساكره بنزوى عشرة آﻻف مقاتل، قال: وهؤﻻء بنزوى خاصة فكيف بعساكر غيرها. قلت هذا يكفي مقاسا على عساكر غيرها، والله ينفع من يشاء ويؤيد من يشاء من عباده فله السلطان القوي وحده( ). قال وكثرت الرعايا في زمانه، قلت: كيف ﻻ تكثر والمهنا إمام المسلمين، وكيف ﻻ تكثر والعدل فيها ناحب أعﻼمه: فانه هو الذي ينمي اﻷمة ويكثرها كما يقل: إن العدل يعمر والجور يدمر، واذا كان الماء ﻻ يكون له طحلب كما في أيام اﻹمام غسان، فكيف ﻻ يكون له نبات وزهر طيب وثمر حلو تعيش فيه اﻷمة ومن قوة إمامه المهنا أن المهرة كما هي ألصق بعمان. ﻻ تزال تابعة لعمان ذلك العهد. وكان اﻹمام المهنا رحمه الله على جانب عظيم من الحزم واليقظة في اﻷمر وعلى منتهى حدود الفطنة من اليقظة، وبذلك قامت له هيبة في عمان، حتى اهتزت لها اﻷرجاء والنواحي، وكيف ﻻ وثﻼثمائة سفينة تمخر البحر حاملة للعلم العماني ومحافظة للبحر حاملة للعلم العماني ومحافظة للبحر من القراصنة((الهنود)) ومن اﻷعداء الخارجين وخمسة آﻻف مهيأة ﻷول صارخ وتسعة آﻻف ناقة لها أهمية في ذلك الوقت.وفاتــــه:توفي اﻹمام المهنا رحمه الله في التاسع من شهر ربيع اﻷول 230هـ والناس والمساجد قد حضروها لصﻼة الجمعة فبعد اﻷذان اﻷول جاءوهم بخبر وفاة اﻹمام المهنا ولم يقولوا في صﻼته شيء فصلوا جماعة الظهر وقاموا لتجهيز اﻹمام وكان صلى بهم ذلك اليوم خالد بن محمد المعدي قال اﻹمام في أثره كان اﻹمام مريضا فقام الخطيب على المنبر فبينما هو في الصﻼة عليه ابنه جيفر أي كان اﻹمام لصﻼة على والده رحمه الله عما ألم بعمان من دهش وروع لوفاته حفظ البحر والبر بهمته العالية وعزيمته وقوته وروعته ووقيته تحت ظل الديمقراطية اﻹسﻼمية والحمد لله الذي له الملك كله وله اﻷمر سبحانه وتعالى من قاد كريم يفعل ما يشاء ويحكم مايرده الخالق وله اﻷمر.
© موقع كنز العلوم. جميع الحقوق محفوظة.