جغرافيا
التربة واستدامتها
تعتبر التربة أهم الموارد الطبيعية التي تضمن التوازن البيئي على الأرض، حيث تحصل منها الكائنات الحية على حاجاتها الأساسية، كما أنها تسهم في تلطيف درجات الحرارة على سطح الأرض، مما يقلل من مخاطر تزايد الاحتباس الحراري وتأكل طبقة الأوزون، عليه لابد من المحافظة على التربة ومراقبة الأنشطة المنفذة عليها لضمان حفظ التوازن البيئي على كوكب الأرض.
تُعرف التربة بأنها الطبقة السطحية الموجودة فوق القشرة الأرضية المكونة من المواد الصخرية والعضوية التي تعرّضت
للتفتت والتحلل بفعل العديد من العوامل الطبيعية. وقد أثرت العوامل الطبيعية التي أدت إلى عمليات التفتت والتحلل إلى تغيير
الخصائص الأصلية لهذه الطبقة ، وبالتالي اختلاف أنواع التُرب في العالم.
العوامل المؤثرة على تكوين التربة:
إن العوامل المكونة للتربة هي عناصر من البيئة الطبيعية ويعدّ بعضها من الموارد الطبيعية المتجددة ، إلا أن ذلك لا يضمن استمرار تكون التربة وقدرتها على الإنتاج، وذلك لارتباط هذه العوامل بعلاقات طبيعية معقدة تتطلب ظروفا محددة لتكون التربة أو تجددها، ومن العوامل التي لها الدور الأكبر في تكوين التربة.
1. المناخ: إن العناصر المناخية وخاصة درجة الحرارة والتقلبات الموسمية أو اليومية لها أثر كبيرعلى الطبقة الصخرية وحركة جزيئات التربة، كما يؤثر التساقط كثيرا على عمليات التعرية والتجوية ونوعية الترسبات وحجمها، وهذا ما يساعد على تكوّن طبقات التربة.
2.التضاريس: تؤثر مظاهر السطح من حيث الارتفاع والانخفاض على معدلات الترسيب واختلاف طبيعة التربة بناء على قدرة عوامل التعرية في التأثير على خصائص التربة. كما تتأثر التربة بوقوعها في المناطق شديدة الانحدار، أو المناطق المنخفضة، أو على ضفاف الأنهار التي غالبا ما تتكون حولها تربات خصبة صالحة للزراعة.
3. الزمن: لابد وأن يمر تكون التربية بفترة زمنية طويلة جدًا حتى تتكون تربة صالحة للزراعة من حيث العناصر اللازمة لنمو النباتات، ودعم حياة الكائنات الحية الأخرى بها. وليس من السهل أن تتكون التربة وفق الجدول الزمني لحياة الإنسان.
4. العوامل الحيوية: يبرز دورها بتحلل الكائنات الحية التي تعيش في التربة، وتساهم في تحويل المواد المعدنية إلى تربة بإضافة المواد العضوية إليها، وتحويل المواد النباتية إلى دبال، ويترتب على ذلك زيادة خصوبة التربة وقدرتها على تثبيت النيتروجين، وكذلك تقليل معدل الانجراف ومدى احتفاظها بالماء.
خصائص التربة:
أ. الخصائص الطبيعية:
يعدّ نسيج التربة من أهم الخصائص الطبيعية لها، ويعرف بأنه نسبة مكونات التربة من الحبيبات الرملية والغرينية والطينية. وتحدد بنيتها من حيث مدى تماسكها أو تفككها وبالتالي ص لاحيتها للزراعة، ويمكن تقسيم التربة على هذا الأساس إلى نوعين رئيسيين: تربة طينية وتربة رملية، ومن الخصائص الطبيعية الأخرى للتربة لونها الذي يتأثر بالمعادن المكونة لها وبالمواد العضوية الموجودة بها، فتقسّم التربة على هذا الأساس إلى: تربة حمراء، وتربة سوداء، وتربة بنية، ويستعمل دليل منسل الألوان التربة (Standard Munsell Soil Colors) لتوضيح الصفات اللونية للتربة بأسلوب كمي دقيق.
ب. الخصائص الكيميائية:
هي نسبة المعادن والأملاح الموجودة في التربة مثل: كلوريد الكالسيوم، والصوديوم، والمغنيسيوم، ويحدد نوع المعدن أصل التربة، ومدى نفاذيتها، ونوعية المياه، حيث تختلف أنواع الترب في العالم عموما باختلاف العوامل المكونة لها، وغالبية أنواع الترب تتراوح بين التربة الرملية وهي ذات لون بني فاتح خشن إلا أنها لا تحتفظ بالماء، أما التربة الطينية في صغيرة متماسكة. لذا فهي تحتفظ بالماء بكميات كبيرة، ويأتي الخليط بين هذين النوعين وهي التربة الرملية الطينية التي تكون باللون الأصفر وتتميز بحبيبات متوسطة الحجم وبالخشونة وهي أقل تماسكا وتحتفظ بالماء. ويعد النوع الأخير هو الأكثر صلاحية للزراعة و استدامة التربة:
أدّى تدهور التربة الطبيعية بفعل النشاطات البشرية والعمليات الطبيعية إلى البحث عن بدائل مساعدة تعين التربة على تحقيق زيادة الإنتاج لمواجهة المتطلبات المتزايدة من الزيادة السكانية وعمليات التنمية، وقد اعتمدت العديد من الدول في فترة أربعينيات إلى ستينيات القرن العشرين خلال ما يسمى بالثورة الخضراء إلى استخدام الأسمدة النيتروجينية التي تعتمد على تغذية التربة النيتروجين، والذي يتطلب تكونه طبيعيًا في التربة
مئات السنين
استطاعت العديد من الدول مثل: الهند، والصين أن تحقق اكتفاء ذاتيًا في الإنتاج الزراعي نتيجة استخدامها لهذا النوع من الأسمدة، لكن الآثار البيئية والصحية المترتبة على ذلك خطيرة جدا، حيث نجد أن الصين من أكثر الدول التي تواجه مشكلة تلوث التربة بسبب الأسمدة الكيماوية، وينعكس ذلك أيضا على تلوث الهواء والماء والكائنات الحية المحيطة. وأثبتت تقارير منظمة الأغذية والزراعة الدولية Food and Agriculture Organization of the United Nations (الفاو) تراجعًا كبيرًا في مساحات الأراضي
الصالحة للزراعة في العالم بسبب العديد من الأنشطة البشرية التي تتوسع على حساب التربة، وبالتالي تؤثرعلى الأمن الغذائي العالمي. إن التعاون الدولي للحفاظ على التربة مهم جدًا من خلال عقد الاتفاقيات الدولية والمحلية والبرامج الدولية لتعزيز الإدارة المستدامة للأراضي، إضافة لأهمية دور التوعية والإرشاد والتثقيف في مجال حماية التربة.
ومن أهم طرق استدامة التربة في العالم :
اولا: استصلاح الأراضي
بتحويلها من تربة غير منتجة إلى تربة منتجة، وبمعدل اقتصادي من خلال توفير العوامل الرئيسية لذلك مثل: الماء، والموارد
والحيوية المالية، والموارد التقنية والتكنولوجية. وتعد مصر من أبرز الأمثلة في استصلاح الأراضي الزراعية، كما تم في بعض مواقع أراضي الصحراء المصرية وشمال شرق الدلتا وبتحديد المساحات التي يمكن استزراعها حسب الموارد المائية المتاحة. ولا تزال نصف مساحة الأراضي القابلة للزراعة في العالم غير مستغلة إلى الآن، وما يبرر زيادة إنتاج المحاصيل في بعض الدول النامية هو استخدام الميكنة الحديثة والتقنيات الزراعية المتطورة وليس استصلاح الأراضي الجديدة.
ثانيا: الحفاظ على التربة
تتنوع استراتيجيات الحفاظ على التربة تبعا للمشكلة التي تعاني منها ، وتكمن أهمية الحفاظ على التربة في أن (11) مليون هكتار من مساحات التربة الزراعية تفقد سنويا بسبب الانجراف، أو تدهور صفات التربة، أو التصحر أو استخدامها في أغراض تنموية كالعمران والطرق، لذا تتركز طرق الحفاظ على التربة في:
أ. إدارة الطبوغرافيا:
أيضا بفعل الرياح.
ويقصد بها تأمين التربة الواقعة على السفوح من الانجراف بفعل ماء المطر والسيول الجارفة لها من خلال بناء المدرجات وزراعتها أو من خلال الحراثة الكنتورية، أي حراثة الأراضي الزراعية في اتجاه خطوط الكنتور ( بعكس اتجاه الانحدار ) وذلك للتمكن من استغلال مياه الأمطار، أو ما يسمى أيضا بالحراثة الحافظة والتي تهدف إلى الحفاظ على إنتاجية المحاصيل على المدى البعيد بالاستفادة من بقايا المحاصيل السابقة وحماية التربة.
ب. غطاء طبيعي:
يتكون من بقايا المحاصيل الزراعية ليشكل طبقة سطحية فوق التربة يحميها من الانجراف . وكذلك من تبخر رطوبة التربة، وفي أماكن مختلفة تستخدم أغطية بلاستيكية لذلك، بالإضافة إلى استخدام المخلفات المنزلية غير الضارة بالتربة.
ج. المكافحة المتكاملة للآفات:
استراتيجية تضمن التخلص من الآفات الضارة بالتربة عن طريق نظام طبيعي يسمح ببقاء بعض الآفات الطبيعية الضارة والحد الأدنى من المبيدات الكيماوية، وذلك لضمان إنتاج زراعي أفضل ولا ضرر من اتباع هذه الطريقة على الإنسان أو الحيوان أو البيئة
د. الزراعة العضوية :
ويقصد بها التقليل من استخدام المخصبات غير العضوية. والمبيدات، والماء، والآليات، وبالتالي التقليل من استهلاك الوقود، ورغم أن هذه الطريقة تؤدي إلى التقليل من معدلات الإنتاج، إلا أنها تحافظ على التربة، وتعتمد العديد من الدول على استيراد المواد الغذائية والعضوية من القطاعات الصناعية الأخرى الموجودة ضمن الحدود الوطنية.
© موقع كنز العلوم. جميع الحقوق محفوظة.