لغة عربية

الادب المسرحي

المسرحية هي قصة حوارية تُمثل وتصاحبها مناظر ومؤثرات مختلفة, ولذلك يراعى فيها جانبان: جانب تأليف النص المسرحي. وجانب التمثيل الذي يجسم المسرحية امام المشاهدين تجسيما حيا. وقد نقرأ المسرحية مطبوعة في كتاب دون أن نشاهدها ممثلة على المسرح فتتحول الى ما يشبه القصة, ولكنها مع ذلك تظل محتفظة بمقوماتها الخاصة.
لم يعرف الأدب العربي القديم المسرح رغم اطلالته في الادب اليوناني. أما في العصر الحديث فقد مر الفن المسرحي في الادب العربي بثلاث مراحل:
أولا: مرحلة النشأة:
 اقتبس مارون نقاش هذا الفن من الغرب في مسرحية البخيل لموليير سنة 1847م, ثم أتبعها بمسرحيات أخرى مؤلفة مثل: أبو الحسن المغفل وهارون الرشيد سنة 1849 م, ثم خطا أبو خليل قباني بالفن المسرحي خطوة الى الامام بتطويع الموروث الشعبي الى المسرح, مثل: الف ليلة وليلة وجعل الفصحى لغة للحوار, ثم هاجر من دمشق الى مصر حين أغلق مسرحه سنة 1884م. وفي عهد الخديوي اسماعيل, انشئت دار الاوبرا وقدم يعقوب صنوع مسرحياته المترجمة او المقتبسة او المكتوبة باللهجة العامية لنقد الاوضاع السياسية والاجتماعية.
ثانيا: مرحلة النضج: 
في سنة 1910م عاد جورج ابيض الى مصر من فرنسا بعد دراسة اصول المسرح وأُلفت له مسرحيات اجتماعية وعُربت له بعض مسرحيات شكسبير مثل: تاجر البندقية أو عطيل. ثن أسس يوسف وهبي فرقة رمسيس كما ظهرت فرقة نجيب الريحاني ثم تطور المسرح بعد الحرب العالمية الاولى بفضل جهود الاخوين محمد ومحمود تيمور من خلال تناول المشكلات الاجتماعية وعلاجها علاجا واقعيا. كما كتب احمد شوقي عددا من المسرحيات الشعرية منها: البخيلة وعلي بك الكبير ومصرع كليوباترا ومجنون ليلي وعنترة وعيرها. ودفع فيها بالفن المسرحي دفعة قوية الى الامام فقد درس الفن المسرحي اثناء اقامته في فرنسا, وكان له فضل السبق في تأسيس المسرح الشعري العربي.
ثالثا: مرحلة الازدهار:
منذ بداية الثلث الثاني من القرن العشرين (1933م) أصدر توفيق الحكيم مسرحيته”أهل الكهف” ثم أتبعها بأكثر من سبعين مسرحية, مكتملة في موضوعاتها وبنائها وحوارها وشخصياتها, وهو حريص على أن يساير بفنه حركات التطور الحديثة في المسرح, وهو الذي درس القواعد الرئيسية للمسرح في فرنسا دراسة جادة. لذا نراه دائم الاتصال بالمسرح الغربي واتجاهاته. فانتقل من المسرح التاريخي الى المسرح الاجتماعي ثم الى المسرح الذهني الذي يعالج قضايا مجردة. مثل: علاقة الانسان بالزمن او علاقته بالقدر وأهل الكهف من مسرحيات هذه المرحلة.
وبعد توفيق الحكيم تطور الفن المسرحي على يد جملة من الادباء ورجال المسرح مثل علي أحمد باكثير وعزيز اباظة وصلاح عبدالصبور وسعد الله ونوس وغيرهم.
عناصر المسرحية:
أ. الحادثة: وهي المواقف والوقائع والاحداث التي تتضمنها المسرحية., وهي قليلة مقارنة بالقصة, لأن المسرحية تقوم على الحوار لا على السرد, فلا سبيل لاستقصاء التفصيلات, اكتفاء بالوقائع المهمة.
ب- الشخوص وهم في المسرحية قسمان:
ب1- شخوص رئيسية: ومن بينهم تبرز شخصية البطل وهي الشخصية المحورية وتتعلق بها الاحداث منذ البداية حتى النهاية ويجب ان تكون نامية متطورة.
ب2- شخوص ثانوية: ادوارهم مكملة للدور الئيس الذي يقوم به الابطال. وكل شخصية في المسرحية يتم اكتشاف ابعادها من خلال كلامها وحركاتها.
ج. الفكرة: وهي الحقيقة أو الحقائق التي يريد الكاتب أن يؤكدها عن طريق تجسيمها على المسرح من خلال الأجداث والشخوص. وتسمى المسرحية واقعية حين يعتمد الكاتب على الواقع, وتسمى تاريخية اذا اعتمد على التاريخ واسطورية اذا اعتمد على الاساطير وذهنية اذا تناولت قضية من قضايا الصراع الانساني.
د. الزمان والمكان: الزمان في المسرحية محدود لذلك لا بد من استبعاد التفصيلات, فعدد الفصول يكون بين واحد الى خمسة فصول. وأما المكان فهو محدود ايضا اذ يجب التقيد فيه بإمكانات منصة المسرح.
ه. البناء: يقوم شكل البناء على عدد محدود من الفصول. اما اسلوب البناء فيقوم على التصاعد بالصراع الى غايته, في خط متنام نحو قمة مشحونة بالتوتر, ثم يتجه الخط نحو القرار الحاسم في النهاية.
و. الحوار: تقوم المسرحية على الحوار فلا مسرح بلا حوار وقد يكون بين شخصين او مناجاة بين الشخص ونفسه, وبه يكشف الكاتب أغوار الشخصية وهمومها ودوافعها الخفية.
ز. الصراع: وهو عقدة المسرحية, واذا كان الحوار هو الجانب المحسوس للمسرحية, فإن الصراع هو جانبها المعنوي. لأنه عنصر قائم في الحياة بين الخير والشر. سواء اكان بين أشخاص حول مبدأ أو فكرة او نزعة أو هدف, أم بين الشخص ونفسه. ويؤدي الصراع الى تأزم الموقف, حتى يكون الحل نهاية لتلك العقدة.
أنواع المسرحية:
أ-المأساة: وهي التراجيديا وتنتهي بفاجعة ولكنها تؤكد قيمة انستمية كبرى, أبطالها من العظماء. وتتميز بالجدية وحدة العواطف, وصعوبة الاختيار في المواقف, وسمو اللغة التي يتكلم بها الابطال.
ب-الملعاة: وهي الكوميديا. وموضوعاتها واقعية من المشكلات اليومية, ويغلب عليها الطابع الاجتماعي وعنصر الفكاهة ونهايتها غالبا سعيدة.
لم يعد هذا التقسيم قائما في المسرح المعاصر فمسرحية مسافر ليل مثلا لصلاح عبدالصبور تختلط فيها المأساة بالملهاة.

© موقع كنز العلوم.  جميع الحقوق محفوظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى