لغة عربية

أدب السيرة الذاتية

لئن أشارت الكثير من الدراسات التقدية الى صعوبة تعريف السيرة الذاتية, باعتبارها جنسا ادبيا يتداخل مع غيره من الاجناس مثل: الرواية والمذكرات, فإن التداخل لم يحرم السيرة الذاتية من مقومات فنية خاصة هي بمثابة الحدود الفاصلة بينها وبين غيرها من الأجناس الأدبية.
ورغم كثرة التعريفات التي اعطيت للسيرة الذاتية فإننا سنكتفي بتعريفين فقط نظرا لدقتهما:
1- السيرة الذاتية نص سردي يتميز عن الرواية بضمير المتكلم, وبأنه لا يقدم متخيلا وهميا, بل يعرض الاحداث الحقيقية التي دفعن الكاتب الى كتابة سيرته. وهي تقدم كشفا عن حياة مكتملة تقريبا أو نشاط ظاهر الاهمية في حياة صاحبها.
2- السيرة الذاتية حكي استعادي نثري يقوم به شخص واقعي عن وجوده الخاص, وذلك عندما يركز على حياته الفردية وتاريخ شخصيته بصفة خاصة.
خصائص السيرة الذاتية:
تضمن التعريفان السابقان أهم خصائص السيرة الذاتية. وهي:
أ- السيرة الذاتية نص نثري سردي: 
تقوم السيرة الذاتية على السرد لأنه أكثر الأساليب قدرة على حكي الاحداث المستعادة. وهو بذلك يساعد الكاتب على استعادة أطوار حياته الماضية بشكل تعاقبي يضمن متعة الكتابة ومتعة التلقي.
وتكون السيرة الذاتية نثرية عدا بعض الاستثناءات النادرة التي يعمد فيها الكاتب الى كتابة سيرته شعرا.
ب-يتم السرد في السيرة الاتية عن طريق ضمير المتكلم”أنا”:
درج كتاب السير الذاتية على رواية سيرهم عن طريق ضمير المتكلم المفرد لأن الاحداث التي يوردونها احداث تخص الذات الكاتبة غير ان بعض الكتاب اختار كتابة سيرته بضمير الغائب المفرد, ومن أشهر الامثلة على ذلك كتاب الايام لطه حسين.
ج- تعرض السيرة الذاتية على عكس الرّواية- أحداثا حقيقيّة.
رغم التقاطع بين السيرة الذاتية والرواية في مستويات عدّة ، فإن هنالك فرقا جوهريًا بينهما وهو أن الرواية تروي – غالبا – أحداثا مُتخيّلة ، فيما تروي السيرة الذاتية أحداثا حقيقية عاشها الكاتب أو عَايشها.|
د- تقوم السيرة الذاتية على استعادة ماضي الكاتب في الحاضر ، أي حياته الفردية وتاريخ شخصيّة. على النقيض من المذكرات التي يهتم كاتبها برّصد أهم خصائص عصره الموضوعيّة ؛ فإن السيرة الذاتية تُعنى بتاريخ كاتبها الشخصي من خلال استعادة ماضيه وأهم الأحداث التي عاشها في مختلف أطوار حياته. وتحظى مرحلة الطفولة بمكانة خاصة عند كاتب السيرة الذاتية لقلوق أحداثها في ذاكرته أولا ، ولأهميتها في تشكيل شخصيته ثانيا .
هـ- تتميز السيرة الذاتية بالتطابق بين المؤلف والرّواي والشخصية التي هي محور الأحداث. إن أهم ما يميز السيرة الذاتية عن غيرها من الأجناس الأدبيّة ، هو التطابق التام بين كاتبها ، وراوي أحداثها، والشخصية الرئيسية ، محور تلك الأحداث. ويظل هذا التطابق قائما حتى في الحالات التي يستخدم فيها الكاتب ضمير الغائب المفرد (هو) بدلا عن ضمير المتكلم المفرد (أنا).
السيرة الذاتية في الادب العربي:
 يُعتبر الكثير من النقاد أن كتاب اعترافات للكاتب الفرنسي جان جاك روسو أول سيرة ذاتية في الآداب الغربية جميعها.
أما في الأدب العربي فقد ظهر هذا الجنس الأدبي بمعناه الاصطلاحي الدقيق في ثلاثينات القرن العشرين. ومن بين السير الذاتية العربية نذكر: قصة حياة للمازني ، والأيام لطه حسين ، وسبعون لميخائيل نعيمة، والمستنقع الحنّا مينا ، وشارع الأميرات لجبرا إبراهيم جبرا بورحلة جبلية ، رحلة صعبة لفدوى طوقان، والخبز الحافي المحمّد شكري… إلخ.
ويرى بعض النقاد أن السيرة الذاتية متأصلة في الأدب العربي القديم، حتى وإن لم تذكر بمصطلحها ، ويستشهدون على ذلك ببعض ما كتبه أسامة بن منقذ، أو ابن خلدون وغيرهما ، في حين يرى آخرون أن هذا الجنس الأدبي قد ارتبط بالغرب ، وأن أول سيرة ذاتية ظهرت في الأدب العربي كانت الأيام، لطه حسين منذ ۱۹۲۹ م في مجلة الهلال ، ثم سنة ۱۹۲۹م في كتاب مستقل.

© موقع كنز العلوم.  جميع الحقوق محفوظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى