تعتبر الموارد المعدنية من الثروات الطبيعية المهمة والمؤثرة في حياة الإنسان وفي تطور الحضارات المختلفة، لذلك اهتم الإنسان باستخراجها واستخدامها ودراستها. وليس أدل على أهمية الموارد المعدنية عبر التاريخ من تسمية العصور التي عاشها الإنسان باسم المعدن الأكثر استخداما وقتها، والذي تم اكتشافه من خلال الآثار التي عثر عليها والتي تدل على تطوّر مقدرة الإنسان على استخدام البيئة المحيطة به و اختلاف أسلوب حياته. ومن هذه العصور العصر الحجري، والعصر البرونزي، والعصر الحديدي، ويعد اهتمام العلماء بدراسة الموارد المعدنية وتصنيفها وتحديد أماكن توزيعها في العالم دليلا آخر على أهمية هذه الموارد، وتم تتويج هذا الاهتمام في أواخر القرن الماضي بالدراسات المختلفة التي من شأنها أن تساعد على استدامة الموارد المعدنية، والمحافظة عليها من لاستنزاف وإدارتها ، وذلك باعتبار أن الموارد المعدنية ثروات طبيعية غير متجددة. واستطاع الإنسان أن يتحكم في طرق استخراج واستغلال الموارد المعدنية بإضافة مواد خام أخرى إليها ليصبح هذا المورد من ضروريات الحياة اليومية.
أنواع الموارد المعدنية :
تعدّ العوامل الطبيعية سببا رئيسيًا في نشأة المعادن بأنواعها المختلفة، حيث نجد أن العمليات الجيولوجية والجيومورفولوجية
من أهم العوامل المؤثرة على تركز المعادن في قشرة الأرض وباطنها وتوزعها الجغرافي وتنقسم الموارد المعدنية إلى نوعين :
أولا:المعادن الفلزية Metalic Minerals:
هي معادن تتميز بقابليتها للطرق والسحب، وأنها جيدة التوصيل للحرارة والكهرباء مثل: المعادن الحديدية كالحديد، والمنجنيز، والكروم، والمعادن غير الحديدية كالنحاس، والرصاص، والزنك، والمغنيسيوم.
ثانيا
المعادن اللافلزية Non Metalic Minerals:
وهي معادن غير قابلة للطرق والسحب، وغير موصلة للحرارة والكهرباء مثل: الألماس، والبوتاس، والكبريت، والزبرجد ، والياقوت، والملح، والجبس، والمعادن الطينية، وتستخدم المعادن اللافلزية في حياتنا اليومية في عدة مجالات، مثل: الأدوية، وحجارة البناء، وملح الطعام، والأسمنت، والزجاج، وأسمدة النباتات.
العوامل المؤثرة في استغلال المعادن:
يتوقف استغلال المعادن بشكل اقتصادي على مجموعة من العوامل منها
1. وفرة المعدن:
كلما كانت طبقات المعدن سميكة دل ذلك على وفرته وبالتالي يصبح تعدينه اقتصاديًا، أما إذا كانت الطبقات قليلة السمك فيكون استغلال المعدن غير اقتصادي، فمن المعروف أن عملية التعدين تحتاج إلى تكلفة مرتفعة لإنشاء البنية الأساسية في الطرق، والاتصالات، والخدمات، ۰۰۰ ) لذا يجب أن تحتوي المناجم المراد استغلالها على كميات كبيرة من الخام لتحقيق عائد اقتصادي.
2. العمق:
توجد الموارد المعدنية تحت ظروف جيولوجية مختلفة، فيكون الخام أحيانا قريبا من سطح الأرض، الأمر الذي يسهل استخراجه بطريقة التعدين السطحي، بينما يكون أحيانا على شكل طبقات في أعماق كبيرة مما يدعو إلى الحفر لأعماق بعيدة تحت الأرض وبناء الأنفاق ووضع دعامات للحماية؛ مما يزيد من تكلفة الإنتاج وتصل أعماق المناجم في بعض الأحيان إلى 2000 متر مثل مناجم الذهب في جنوب أفريقيا.
3. نسبة المعدن في الخام:
ويعدّ هذا العامل من العوامل الرئيسية في استغلال المعدن حيث تختلف نسبة المعدن في الخام من معدن إلى آخر، فهي مرتفعة في بعض خامات المعادن كالحديد (50%) ، ومنخفضة في البعض الآخر كالنحاس تكوين جيولوجي يظهر على هيئة (2%) والذهب بنسبة ( 0.004 %)، وقد يؤدي انخفاض نسبة المعدن في الخام إلى توقف الإنتاج بسبب قلة الأرباح.
4. التقدم التكنولوجي:
لقد كان للتقدم التكنولوجي أثره البالغ في استغلال المعادن، ولا شك أن هذا العامل مسؤول في المقام الأول عن تزايد الإنتاج المعدني في العصر الحديث من خلال ما يوفره من الات وأجهزة حديثة في عملية البحث والتنقيب واستخراج المعدن وتصنيعه ونقله وتوزيعه.
5. رأس المال والعمالة:
يعد التعدين من الحرف التي تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة تبدأ من الأبحاث حول منطقة التعدين وانتهاء إلى توفير أدوات الإنتاج والخدمات المتعددة للعاملين، وهو ما أدى إلى احتكار بعض الدول الغنية أو الشركات الكبرى عمليات التنقيب عن المعادن. أما العمالة فتمثل عاملاً مهمًا؛ لأن عملية التعدين بحاجة إلى عدد كبير من الأيدي العاملة التي تحتاج إلى نقل وتوفير الخدمات لها في مناطق التعدين۔
6.السوق:
يتأثر سوق المعادن باختلاف نوع الطلب والعرض المحدد له، فإذا زاد الطلب وقل العرض ارتفعت أسعار المعدن و بالعكس. فالموارد المعدنية تخضع لأسعار السوق العالمية فيتغير الطلب من وقت لأخر تبقا لحاجة السوق، كما حصل للحديد في عام (2008م) حيث ارتفعت أسعاره نتيجة لزيادة الطلب العالمي على الحديد ومحاولة بعض الدول فرض ضرائب على استيراده وتصديره، كما تؤثر القوانين الحكومية على وضع سوق التعدين.
التوزيع الجغرافي للثروات المعدنية في العالم:
يختلف توزع الثروة المعدنية على سطح الأرض من حيث النوع والكمّيّة، حيث تتوزع كامنة في باطن الأرض بطريقة غير منتظمة، وفي حين نجد بعض الدول غنية بالمعادن، نجد دولا أخرى شحيحة بالمعادن، وهذا بدوره يمثل أهمية بالنسبة للتبادل الاقتصادي للمعادن. فعلى سبيل المثال، تعدّ الصين من الدول ذات الوفرة في الثروة المعدنية على مستوى العالم، حيث إنها تمتلك (171) نوعا من المعادن، إضافة إلى أن (158) نوعا من هذه المعادن قد تم تحديد نسبة الاحتياطي منها أيضا، بذلك تتحكم الصين في
إنتاج 97٪ من المعادن النادرة في العالم.
وبالرغم من انتشار المعادن في العالم إلا أن المناطق التعدينية ذات المساحة الكبيرة قليلة في العالم، ومن أهمها: شمال أمريكا الشمالية وشمال أوراسيا وهضاب آسيا الوسطى وأواسط صحراء أستراليا والصحراء الكبرى وحوض الكونغو ووسط أمريكا الجنوبية. كذلك يؤثر الموقع الجغرافي للموارد المعدنية داخل الدولة الواحدة من حيث قربها أو بعدها من شبكة النقل والأسواق والأيدي العاملة.
استدامة الموارد المعدنية
نتيجة لاستنزاف الموارد المعدنية كان لابد من إيجاد طرق لاستدامتها كونها موارد غير متجددة، وذلك
بوضع خطط جيدة لإدارة الموارد المعدنية على المدى الطويل، ويطلق مصطلح «إدارة الموارد» على كل الجهود
والخطط الرامية إلى توفير الموارد حسب حاجة الإنسان في الوقت الحاضر والمستقبل والمحافظة على هذه
الموارد من الاستنزاف، وهذا المصطلح مرتبط بمصطلح التنمية المستدامة. ويمكن تحقيق الإدارة الجيدة
للموارد المعدنية بعدة طرق منها
١. التدوير Recycling :
ويقصد بالتدوير في الموارد المعدنية إعادة تصنيع ما تلف من المنتجات المعدنية كالسيارات والطائرات والعلب المعدنية شكل
(6) ، فمثلا يمكن إعادة تدوير الألمنيوم بنسبة (۱۰۰٪ ) وبتكلفة أقل من التي تحتاجها لاستخلاص معدن الألمنيوم من خام
( البوكسايت)، وهذا يوفر (۹۰٪) من تكاليف الطاقة.
وتعد السويد مثالاً جيدًا على تدوير معدن الألمنيوم حيث يتم تدوير (۹۰٪) من علب الألمنيوم، وقامت الولايات المتحدة الأمريكية بتدوير (۷۰٪) من علب الألمنيوم، وكذلك بالنسبة للعديد من المعادن كالذهب، والفضة، والنحاس، والرصاص، والحديد، حيث يستخدم الحديد والفولاذ المعاد تدويره في صنع منتجات مختلفة، كالعلب والصفائح وصناديق القمامة، ويوضح الشكل بعض
الطرق في تصنيف النفايات لتسهيل جمعها وإعادة تدويرها
شكل: أماكن مخصصة لتجميع النفايات المختلفة بغرض إعادة التدوير
٢. البحث عن البديل:
وهذه طريقة قديمة فقد استبدلت الحجارة بالبرونز واستعيض عن البرونز بالحديد ، وفي الوقت الحاضر يستخدم نوع من البلاستيك في صناعة الأنابيب عوضا عن النحاس والرصاص والحديد ، كما أن الألياف البصرية قللت الحاجة للنحاس لصناعة أسلاك الهاتف.