نص اثرائي عبدالرحمن شكري بين ثقافتين لمادة اللغة العربية للصف الحادي عشر الفصل الدراسي الثاني

نص اثرائي عبدالرحمن شكري بين ثقافتين لمادة اللغة العربية للصف الحادي عشر الفصل الدراسي الثاني لمنهج سلطنة عمان
نص إثرائي
عبد الرحمن شكري بين ثقافتين
حياته :
في أسرة مغربية الأصل ولد عبد الرحمن شكري، وكان والده مولعاً بالأدب، وله صلة بعبدالله النديم أديب الثورة
العرابية، اهتم به والده اهتماما خاصا بعد وفاة أبنائه الكبار ، وحرص على تعليمه إلى أن تخرج في المدرسة الثانوية سنة ١٩٠٤م واتجه إلى دراسة الآداب وتخرج فيها سنة ١٩٠٩م، وقد التزم دراسة الأدبين العربي والغربي ، وكان أثناء دراسته يكتب في صحيفة (الجريدة) – التي يحررها لطفي السيد – بعض المقالات والأشعار إلى جانب محمد حسنين هيكل وطه حسين وبعض شباب جيله الذين آمنوا بالتجديد وحملوا لواءه .
في سنة ١٩٠٩م ينشر أول ديوان له بعنوان (ضوء الفجر) ثم يذهب في بعثة إلى إنجلترا فتتعمق دراسته للآداب
الأوروبية، ويعود من البعثة سنة ١٩١٢م لينخرط في سلك التدريس، وينشر الجزء الثاني من ديوانه بمقدمة للعقاد، وتتعاقب أجزاء الديوان التي بلغت سبعة ، وقد ظهر آخرها سنة ١٩١٩م رغم أنه ظل يكتب في الصحف والمجلات إلى حد وفاته سنة ١٩٥٨م.
شعره :
شعر عبد الرحمن شكري تعبير واضح عن التقاء ثقافتين ؛ العربية ، والغربية وخاصة منها الشعر الإنجليزي، وقد اطلع عليه في مصر أولاً ثم تعمقه في بعثته إلى انجلترا. ورأى في هذا الشعر طريقاً مختلفاً عن الشعر العربي وأغراضه ، فلا
مديح ولا هجاء ، بل احتفاء بالعاطفة وكل ما يتصل بالحياة والطبيعة من أفكار وأنغام.
هذا التأثير الغربي التقى عنده بما قرأه في التراث العربي، وخاصة كتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصبهاني، و( ديوان
الحماسة) لأبي تمام، واطلع أيضاً على ديواني الشريف الرضي ومهيار، فوجد فيهما الغزل الطبيعي الذي يشف عن قلب
صاحبه، دون حجاب كثيف من طباق وجناس وغير ذلك من ضروب البديع ، فكان دخوله الشعر من هذا الباب ، وديوانه الأول:
(ضوء الفجر) يصور هذا الاتجاه في التقاء ثقافتين، فكان ثورة في أوائل القرن العشرين.
والديوان يخلو خلواً تاماً من المديح، وفيه رثاء لبعض زعماء الإصلاح (الشيخ محمد عبده، مصطفى كامل ، وقاسم
أمين) لكنه رثاء من نوع جديد، يقتصر فيه الشاعر على التفكير في الموت والحياة من زاوية ذاتية تميل إلى التأمل أكثر من ميلها إلى الخطابة .
إنه شاعر وجداني ذاتي بالمعنى الغربي للشاعر الغنائي ، فالشعر نسيج نفسه وليس نسيج الأحداث السياسية
والعواطف القومية، ومن أجل ذلك كان أكثر النغم في الديوان نغم الحب، وهو حب محروم، فيه يأس وشجى ووراء هذا الحب تصوير واسع للنفس البشرية وأحاسيسها إزاء الكون والطبيعة ، وهي أنغام استمدها مما قرأه في الشعر الإنجليزي ، وقد طبعت عند أصحاب المنزع الرومانسي بالحزن والتشاؤم، فهي تذيع أنات الشاعر ويأسه القاتل ، وفي آخر ديوانه الأول قصيدة طويلة من الشعر المرسل الذي يتحرر فيه الشاعر من القافية على نمط الشعر الغربي ، وفيها يصور أحزانه ومطامحه إلى حياة أكمل من هذه الحياة .
بعد عودته من بعثته واطلاعه على الآداب الأوروبية ، التقى شكري والعقاد والمازني، ومعاً سيؤلفون الجيل الجديد
الذي ثار على التقليد من أمثال شوقي وغيره ، وهو الجيل الذي سيعرف بجماعة ( الديوان).
ويأخذ شكري في إصدار دواوينه بتقديمه أو تقديم العقاد، كما ألف قصة هي (الحلاق المجنون) وكتاب
(الاعترافات) الذي صور فيه حالة الشباب المصري وأزمة الحياة التي كان يعانيها وغرقه في الحزن واليأس حيث تبدو الحياة من خلال هذا الكتاب قاتمة لا ينال منها الشاب غير الضنى والحزن والمرارة وهذا طابع شعر شكري في جميع دواوينه ، وهو طابع حزين يغلب عليه التشاؤم ويتردد فيه كثيراً الحديث عن الموت، وذلك واضح من خلال عناوين بعض قصائده مثل : (الحب والموت) أو (بين الحياة والموت) أو (الأزاهير السود) وهو يلقي بظلال هذا الحزن على مشاهد الطبيعة كما في قصيدة (إلى الريح ) :
يا ريح أي زئير فيك يفزعني كما يروع زئير الفاتك الضاري
يا ريح أي أنين حنّ سامعه فهل بليت بفقد الصحب والجار
أم أنت ثكلى أصَابَ الموت واحدها تظل تبغي يد الأقدار بالثأر
وعلى هذا النحو كان شعر شكري شعراً جديداً، بل كان حدثاً جديداً في الشعر العربي الحديث، إلا أن القارئ لم يقبل
عليه لسببين :
١. سبب يرجع إلى طبيعة هذا القارئ الذي لم يكن مؤهلاً في تلك المرحلة إلى تقبل مثل هذا النوع من الشعر الذي
يتجاوز ذائقته الفنية التي نشأت مع القديم ونمت معه .
٢. السبب الثاني يرجع إلى شكري نفسه الذي كان تأثره بالآداب الغربية عميقاً، ولم يوازن بين جديده والجذور
القديمة للشعر العربي .
ومع ذلك فله – مع العقاد والمازني – فضل هذه المحاولة الجديدة التي أخرجت شعرنا من دوائر التقليد القديمة،
وجعلته يطوف في مجالات أرحب وأوسع، من العواطف الإنسانية العامة والتأمل في الكون والحياة البشرية.
عن. د.شوقي ضيف
(الأدب العربي المعاصر)
دار المعارف بمصر
القاهرة ١٩٧٦م
شاهد ايضا
شرح وملخص وحل قصيدة كل نفيس في الممات يهون لمادة اللغة العربية للصف الحادي عشر الفصل الدراسي الثاني