النص الاثرائي الاسلوب الجبراني لمادة اللغة العربية للصف الحادي عشر الفصل الدراسي الثاني

النص الاثرائي الاسلوب الجبراني لمادة اللغة العربية للصف الحادي عشر الفصل الدراسي الثاني لمنهج سلطنة عمان
الأسلوب الجبراني
تردّد هذا التعبير – الأسلوب الجبراني، أو الإنشاء الجبراني – خلال النصف الأول من هذا القرن بكثرة؛ وهو منسوب
إلى جبران خليل جبران، زعيم مدرسة التجديد في الأدب المهجري، والمؤثّر الأول في الاتجاهات الفكرية الإنسانية والتأمليّة، وفي استلهام الطبيعة، والتحرّر الفكري والتعبيري، وفي الخيال المحلّق، والرمزية الشفافة الحلوة، غير أن الذين أطلقوا هذه التسمية في الشرق لم يكونوا يقصدون بها جبران وحده، بل كانوا يشملون بها إخوان جبران في المهجر أيضاً، والمتأثرين بأدبه وأسلوبه البياني من أبناء الشرق العربي …
لم يكن جبران يجري على طريقة واحدة في الكتابة، فهو حيناً يكتب خيالاً عاطفياً مجرداً، وحيناً أحاسيس واقعية
عميقة، وطوراً يخاطب الناس بالأمثال والرموز والحكم والمواعظ الرّوحية، وطوراً بأسلوب التعنيف القاسي، وتارة يكتب شعراً فلسفياً تأملياً، وتارة نثراً شعرياً موسيقياً. غير أنّ كل هذه الأساليب والطرق التعبيرية كانت تفيض من شخصية متميزة في تفكيرها وخيالها وروحها وبيانها، وتجري بألفاظ شفّافة عميقة التّأثير، سواء أكان ما يكتبه نثراً، أم شعراً، وسواء أكان أقصوصة، أم مثلاً، أو حكمة، أو خيالاً، أو تأملات في الحياة والطبيعة وفي الكون وما وراء الكون.
وفي ما يلي نماذج من هذا الأسلوب الجبراني بأنواعه المختلفة، تظهر فيها روح جبران المتميزة.
١) من (الأجنحة المتكسرة):
(للكآبة أيادٍ حريريّة الملامس، قوية الأعصاب، تقبض على القلوب وتؤلمها بالوحدة؛ فالوحدة حليفة الكآبة، كما أنها أليفة كل حركة روحية … )
(في تلك السنة شاهدت ملائكة السماء تنظر إليّ من وراء أجفان امرأة جميلة، وفيها رأيت أبالسة الجحيم يضجون ويتراكضون في صدر رجل مجرم .. )
ومنه أيضاً: (إنّ السماء قد وضعت في يدي كأساً مفعمة بالخل والعلقم، وقد تجرّعتها صرفاً، ولم يبق فيها غير قطرات قليلة سوف أشربها متجلّدا لأرى ما في قاع الكأس من الأسرار والخفايا … )
ويلاحظ القارئ كم في هذه الفقرات القليلة من التعابير الجديدة،
والاستعارات والتشابيه والكنايات التي لم يكن العرب يألفونها من قبل، ولكنها اليوم أصبحت مألوفة جداً بعد أن أدخلها جبران في الأدب العربي.
٢) من كتاب (دمعة وابتسامة):
(كنتُ بالأمس كلمة صامتة في خاطر الليالي، فأصبحت أغنية مفرحة على ألسن الأيام. وقد تمّ هذا كله في دقيقة واحدة مؤلفة من نظرة وكلمة وتنهدة وقبلة. تلك الدقيقة، يا حبيبتي، قد جمعت بين استعدادات نفسي الغابرة،
وأمانيها الآتية، فكانت كالوردة البيضاء الخارجة من قلب الأرض المظلمة إلى نور النهار … ) ومنه أيضاً يخاطب الريح: (تمرّين آنا مترنّحة فرحة، وآونة متأوهة نادبة، فنسمعك ولا نشاهدك، ونشعر بك ولا نراك، فكأنك بحر من الحبّ يغمر أرواحنا ويغرقنا، ويتلاعب بأفئدتنا وهي ساكنة).
هذه الرموز البسيطة، وهذه الحكم الدالة على عمق، كان لها أثر في نشر الأسلوب الجبراني، وإغناء الأدب العربي
الحديث بالأفكار والمعاني الجديدة. لقد تكلّم جبران بالرموز كثيراً، بل لعلّه أول من تكلّم بها بين أدباء العرب في العصر
الحديث.
وكما ابتدع جبران أسلوب الرمز في الأدب العربي الحديث، كذلك ابتدع، أسلوب النثر الشعري، ذي العبارة الموسيقية
القصيرة، وهو ما يدعونه بالشعر المنثور، وقد أخذ هذه الطريقة عن الأدب الغربي. ويظل شعره محافظاً على نفس (الأسلوب
الجبراني) فلا يختلف عن نثره من حيث الروح والعبارة.
د. عيسى الناعوري
(أدب المهجر)
دار المعارف بمصر، ط ٢
ص.ص ٦٢ – ٦٩
شاهد ايضا
النص الاثرائي بين العواصف والرابطة القلمية لمادة اللغة العربية للصف الثاني عشر الفصل الدراسي الثاني
شرح وملخص وحل درس البنفسجة الطموح لمادة اللغة العربية للصف الحادي عشر الفصل الدراسي الثاني