النص الاثرائي لمحة عن حياة كازنتاركيس لمادة اللغة العربية للصف الثاني عشر الفصل الدراسي الثاني

النص الاثرائي لمحة عن حياة كازنتاركيس لمادة اللغة العربية للصف الثاني عشر الفصل الدراسي الثاني لمنهج سلطنة عمان
يُعتبَر الكاتب اليوناني الكبير نيكوس كازنتزاكيس من أبرز الكتَّاب والشعراء، والفلاسفة في القرن العشرين. فقد ألَّف العديد من الأعمال المهمّة، والخالدة في مكتبة الأدب العالمي، تضمَّنت المقالات، والروايات والأشعار وكتب الأسفار، والتراجيديات، بالإضافة إلى بعض الترجمات. وقد تُرجِمَتْ كتبُه إلى أكثر من ٤٠ لغة، من بينها العربية.
ولد نيكوس كازنتزاكيس في ١٨ شباط من العام ١٨٨٣ في جزيرة كريت، أكبر الجزر اليونانية، وأمضى طفولته في هذه الجزيرة، التي خاضت حربًا شرسة ضد الأتراك؛ لنيل حريتها واستقلالها. وكان والده (الكابتن ميخائيل) أحد وجوه هذا النضال. وعلى الرغم من أن الوالد لم يكن متعلمًا أو مثقفًا، فقد أراد لابنه أن يكمل تعليمه؛ لأنه كان يؤمن بأن النضال لا يقتصر على السيف، أو البندقية، بل يكون أيضًا من خلال العلم، والفكر والإقناع. لذلك فقد أرسل ولده لدراسة الحقوق في مدرسة القانون في أثينا.
حصل كازنتزاكيس على شهادة الدكتوراه في الحقوق في العام ١٩٠٦، ثم سافر لدراسة الفلسفة في باريس، حيث تابع دروس هنري برغسون حتى العام ١٩٠٩.
أمضى كازنتزاكيس معظم فترة شبابه في رحلاته التأملية، حيث اعتكف زمنًا طويلاً في جبل آثوس، وزار العديد من أديرة اليونان وكنائسها، كما زار القدس وسيناء مصر.
تطوع في العام ١٩١٢ في الجيش اليوناني في حرب البلقان، ثم عُيِّنَ في العام ١٩١٩ مديرًا عامًا في وزارة الشؤون الاجتماعية في اليونان، وكان مسؤولاً عن تأمين الغذاء لحوالى ١٥ ألف يوناني، وعن إعادتهم من القوقاز إلى اليونان. وقد نجح في المهمة الموكّلة إليه، لكنه استقال بُعيد ذلك من منصبه.
سافر إلى العديد من دول العالم، الأوروبية منها والآسيوية، مثل إسبانيا، الصين، اليابان، روسيا، فرنسا، الهند، إيطاليا، وبريطانيا، وعمل إبان ذلك في الصحافة، والترجمة، وكتابة المناهج المدرسية، وكَتَبَ الكثير من المقالات والمسرحيات وكُتُب الأسفار التي سجَّل فيها انطباعاته عن البلدان التي زارها.
عمل في السياسة لفترة قصيرة، ثم عُيِّن وزيرًا في الحكومة اليونانية في العام ١٩٤٥، ثم مديرًا في اليونسكو في العام ١٩٤٦. وكانت وظيفته العمل على ترجمة كلاسيكيات العالم ؛ لتعزيز جسور التواصل بين الحضارات، خاصة بين الشرق والغرب. استقال بعد ذلك ليتفرغ للكتابة.
كتب الأوديسة في ملحمة مؤلَّفة من ٣٣,٣٣٣ بيتًا، وقد بدأها من حيث انتهت أوديسة هوميروس. وقد اعتُبِرَ هذا العملُ ثورةً في مجال المفردات اللغوية والأسلوب، كما أظهر مدى عمق معرفة كازنتزاكيس بعلم الآثار والأنثروبولوجيا.
كما كتب وترجم العديد من الأعمال الأدبية المهمة، نذكر منها: رياضات روحية ، الثعبان والزنبقة، الحرية أو الموت، فقير أسيزي، الأخوة الأعداء، زوربا اليوناني، الإسكندر الأكبر (كتاب للأطفال)، الهوى اليوناني (أو المسيح يصلب من جديد)، تقرير إلى غريكو. وقد نشرتْ زوجتُه هذا الكتاب بعد وفاته في العام ١٩٦١ من خلال جمع رسائل كازنتزاكيس ومذكراته (إلغريكو هو رسام إسباني من أصل كريتي).
مُنِحَ كازنتزاكيس في ٢٨ حزيران من العام ١٩٥٧ جائزة لينين للسلام في مدينة فيينا. وكان قد ترشح في العام ١٩٥٦ لجائزة نوبل، لكنه خسرها بفارق صوت واحد في التصويت، وحصل عليها ألبير كامو.
تزوج في عمر متأخر من صحفية وكاتبة يونانية تدعى إيليني. ولأنه كان يفضل العزلة، لم تكن زوجته تلتقي به إلا عشرة أيام فقط في السنة، وذلك في عقد عائلي سُمِّيَ عقد الأيام العشرةُ؛ إلا أن هذه العزلة كانت السبب من وراء إنتاجه لكلِّ تلك الروائع الخالدة.
كان في آخر أيامه يطلب من ربِّه أن يمدَّ في عمره عشر سنوات أُخَر؛ ليكمل أعماله ويفرغ نفسه، كما كان يقول. وكان يتمنى لو كان في إمكانه أن يتسول من كلِّ عابر سبيل ربع ساعة بما يكفي لإنهاء عمله.
توفي في ٢٦ تشرين الأول سنة ١٩٥٧ في ألمانيا عن عمر ٧٤ عامًا، ونُقِلَ جثمانُه إلى أثينا. ولكن الكنيسة الأرثوذكسية منعت تشييعه هناك، فتُقِلَ إلى کریت.
تقول عنه زوجته إنه كان نقيًّا وبريئًا وعذبًا بلا حدود مع الآخرين؛ أما مع نفسه فقد كان شديد القسوة،
ربما لإحساسه بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقه وحجم العمل المطلوب منه، ولأن ساعاته في الحياة محدودة.
كازنتزاكيس والحضارة العربية
لقد تأثر كازنتزاكيس بالمتصوفة المسلمين، وكان يفتخر بأن أسلافه (من جهة والده) كانوا من أصول عربية. وهذا سبب ميله إلى الشرق وإعجابه بالأخلاق والطباع العربية، كالكرم والشهامة وعزة النفس. كتب عند زيارته لسيناء مصر:
إن لديَّ إعجابًا قلبيًّا عميقًا بأبناء الصحراء هؤلاء. إنهم أفقر أهل الدنيا، لكنهم أكرم أهل الدنيا أيضًا.
مهما جاعوا، لا يأكلون حتى الشبع أو التخمة، ويحتفظون ببعض السكر والقهوة والتمر ليقدموه للغريب.
ويقول في مكان آخر:
روحي، مثل روح المسلم عندما يصلِّي، تقتبل الشرق، تشتعل مثل دمشق في منتصف النهار، وتجرني رقصة
زنجية في أصابعي بينما أنا جالس بهدوء في مسارحهم. آه، يا لروائع الميناء الشرقي، ببرتقاله وبطيخه المتعفّن،
وزوارق “القايق” المتأرجحة، والأقدام الحافية الملطخة بالوحل. هذا ما أعطتْني إياه أوروبا: الاشمئزاز من كلِ
ما ليس شرقيًّا ينتمي إلى جنسي. لقد وجدت نفسي، أنا المنحدر من سلالة العرب، على جزيرة كريت
الأفريقية.
خاتمة
لقد كانت لكازنتزاكيس روح مؤمنة، مبدعة، وخلاَّقة، منفتحة وفياضة، غنية ببذور كلِّ الأفكار الكبيرة
التي آمن بها، وبالرجال العظماء، الذين كانوا منارات أنارت طريقه، وكان كازنتزاكيس قد حَمَلَ رسالتَه الإنسانية
على كتفيه وجاب العالم بها، بحثًا عن الحقيقة وعن أجوبة، لتساؤلاته الكبيرة، والأزلية، ممتشقًا قلمه سلاحًا
وبرهانًا، مؤمنًا بالإنسان، ومنتميًا إليه، هدفه هو شقُّ طريق محفوفة بالألم، والأمل يرتقي بها الإنسان نحو القيم
والمثل العليا ويسير فيها صاعدًا نحو الله.
أقوال لكازنتزاكيس
- أنت لا تستطيع أن تقهر الموت، ولكنك تستطيع أن تقهر خوفك منه.
- إن روحي كلَّها صرخة، وأعمالي كلَّها تعقيب على هذه الصرخة.
- أينما ذهبتُ، وحيثما حللتُ، فإنني أمسك باليونان بين أسناني كورقة غار.
- تحياتي، أيها الإنسان، أيها الديك الصغير المنتوف ذو الساقين! إنه صحيح فعلاً – ولا تستمع لما يقوله
الآخرون – إنك إنْ لم تَصِخ في الصباح فإن الشمس لا تشرق. - أجمع أدواتي: النظر والشم واللمس والذوق والسمع والعقل. خيَّم الظلام، وقد انتهى عمل النهار. أعود
كالخلد إلى بيتي الأرض. ليس لأنني عجزت، وتعبت من العمل، بل لأن الشمس قد غربت.
علا العمر
(معابر): جريدة إلكترونية
شاهد ايضا
النص الاثرائي قراءة في القصة القصيرة لمادة اللغة العربية للصف الثاني عشر الفصل الدراسي الثاني
ملخص وشرح وحل اسئلة درس القصة لمادة اللغة العربية للصف الثاني عشر الفصل الدراسي الثاني