الفلسفة

الحدود المنطقية

 معنى الحد المنطقي:

 هو اللفظ الذي يصلح أن نخبر به وحده، أو نخبر عنه وحده. مثال: لفظ (معدن)، نستطيع أن نخبر به، مثل قولنا (الحديد معدن)، ونستطيع ً أيضا أن نخبر عنه، مثل قولنا (المعدن يتمدد بالحرارة) وقد يكون الحد المنطقي ً اسما، مثل: (الإنسان حيوان ناطق)، أو ً فعلا، مثل: (التفاؤل يزيد من حبنا للحياة)، أو صفة، مثل: (المستقبل مجهول للإنسان). وقد يكون  لفظا واحداً، مثل: (سلطنة) وقد يكون لفظين مثل: (سلطنة عمان)، أو أكثر من ذلك، مثل: (سلطنة عمان المنتجة للنفط …).

 ويهتم المنطق الصوري بدراسة الحدود المنطقية لمعرفة أنواعها، والفروق المختلفة بينها، ومدلولاتها، وهذا ما سنوضحه فيما يلي.

 ١ – الكلي والجزئي

 تصنف الحدود المنطقية من حيث الكم إلى نوعين:

 ١ – الحد الكلي:

 وهو لفظ يطلق على أفراد كثيرة تشترك جميعها في صفات واحدة عامة بينها. مثل: انسان – مدرسة – برج – معهد. ويدخل في هذا النوع من الحدود المعاني المجردة. 

٢ – الحــد الجزئي:

 وهو لفــظ يطلق على فرد واحــد معين بذاته مثل: مطار الكويت – مستشــفى الصباح. ويدخل في هذا النوع من الحدود، اســم العلم، مثل: محمد وجاسم وليلى، لأن اشتراك عدة أفراد في اسم علم واحد لا يدل على تمتعهم بصفات تميزهم عن ذوي الأسماء الأخرى. ويمكن تحويل الحد الكلي إلى حد جزئي عن طريق التخصيص، أو إضافة اســم الإشارة إليه. مثل «دولة» حد كلي «دولة الكويت» حد جزئي، «كتاب» حد كلي «هذا الكتاب» حد جزئي.

 الكليات الخمس:

 الكليات الخمس هي ألفاظ أو حدود كلية قال بها «أرســطو» واضع علم المنطق، وعدل فيها العالم المنطقي «فورفوريوس». وسنعرض لكل منها على النحو التالي: 

١ – النــوع:

 وهو لفظ كلي يطلق على مجموعة من الأفراد يتشــابهون ً معا وتجمعهم صفات واحدة مشــتركة. مثال: إنسان – شجرة – سيارة. فلفظ إنســان ً مثلا «نوع» لأنه يطلق على أفراد كثيرين يشتركون ً معا في صفات واحدة وهي «النطق».

٢ – الجنس: 

وهو لفظ كلي يطلق على مجموعة من الأنواع تشترك  معا في صفات عامة كلية تميزها عن غيرها من الأنواع ولا تميز بعضها عن بعض. مثال: حيوان – نبات – جماد.

 والنوع والجنس لفظان نســبيان، حيث لا يفهم أحدهما إلا بالنســبة للآخر، كما نلاحظ في الألفاظ الســابقة. فلفظ إنســان (نوع)، ولفظ حيوان (جنس)، وكذلك لفظ شجرة (نوع) ولفظ نبات (جنس) … وهكذا. وتوضح شجرة (فورفوريوس) مراتب الأجناس والأنواع، على النحو التالي:

٣ – الفصل:

 وهو صفة كلية ذاتية أي جوهرية أو أساســية في الشيء الذي نصفه. وهي صفة تفصل وتميــز بيــن أفراد نوع معين وأفراد نوع آخر. مثال ذلك: «مفكر» بالنســبة للإنســان، فهي صفة أساسية تفصل الإنسان وتميزه عن غيره من الأنواع، والتي لا يمكن تصور الإنسان بدونها. 

٤ – الخاصة:

 وهي صفة كلية غير ذاتية أي غير جوهرية، وليســت أساســية في الشيء الذي نصفه، وإنمــا هي صفــة عرضية خاصة، ويمكن تصور الشــيء بدونها. مثال ذلــك: مخترع أو مدخن بالنســبة للإنسان، فهي صفة غير أساسية لأنها خاصة ببعض أفراد النوع الإنساني، ويمكن تصور الإنســان بدونها. وتقوم الخاصة بتمييز النوع عن غيره لأن الاختراع يعتبر من خواص الإنســان وحده. 

٥ – العرض العام:

 وهو صفة كلية غير ذاتية أي غير جوهرية، وليست أساسية في الشيء الموصوف، وإنمــا هي صفــة عرضية له ولا تميزه عن غيره من الأشــياء. والصفة العرضيــة هي التي تكون مشتركة بين مختلف أنواع الجنس الواحد ولا تخص نوعا دون آخر. مثال ذلك:

النمو – الحركة – الغذاء – التكاثر .. إلخ. فهي صفات لا تميز الإنسان عن غيره من أنواع الحيوانات الأخرى. كالأسد، والفيل، والقط … الخ. 

٢ – تقابل الألفاظ 

لو قيل لك إن زيداً من الناس كريم وغير كريم في الوقت نفســه، فإنك ستدرك أن هذا الكلام غير منطقي. وعندما يستحيل إطلاق لفظين على شيء واحد في وقت واحد لتعارضهما، فإنه يقال إن اللفظين متقابلان، والتقابل على نوعين:

 ١ – التقابل بالتناقض:

 ويكون بين لفظ مثبت ونفيه، أي بين لفظين لا يصدقان ً معا في آن واحد على شيء واحد، ولا يكذبان ً معا أي لا يرتفعان ً معا عن الشيء في آن واحد. مثال ذلك: (إنسان – لا إنسان) فإما أن يكون الكائن ً إنسانا أو لا إنسان، ولا ثالث لهذين الاحتمالين.

 ٢ – التقابــل بالتضاد:

 ويكون بيــن لفظين مثبتين يدلان على صفتين بينهمــا غاية الخلاف، أي بين لفظيــن لا يصدقان ً معا على شــيء واحد في آن واحد، ولكن قــد يكذبان، أي قد يرتفعان عن الشــيء في وقت واحد لوجود حد وســط بينهما. مثال ذلك: (غني، وفقير) لفظان متضادان لا يجتمعــان ً معا، كأن نقول: محمد غني وفقير في آن واحد، ولكنهما قد يرتفعان أي يكذبان ً معا. فتقول: محمد قد لا يكون ً غنيا ولا فقيراً، وإنما (متوسط المال).

 ٣ – المفهوم والماصدق

 ذكرنا أن اللفظ الكلي يطلق على مجموعة من الأفراد تشــترك جميعها في صفات جوهرية تميزها عن غيرها من الأفراد. 

وبذلك يكون للفظ الكلي جانبان:

 ١ – مفهــوم اللفظ:

 وهو مجموع الصفات أو المعاني التي تصف بها هذا اللفظ، وتميزه عن غيره من الألفاظ الكلية. مثال: مفهوم اللفظ (إنسان) – هو حيوان مفكر أو ناطق. ومفهوم اللفظ (تاجر) – هو الشخص الذي يعمل بأعمال البيع والشراء ويتخذها حرفة له. 

٢ – ما صدق اللفظ:

 هو مجموع الأفراد الذين يصدق عليهم مفهوم اللفظ. مثال: ما صدق اللفظ (إنسان) – هو جميع الأفراد الذين تصدق عليهم صفات الحيوانية والتفكير. وما صدق اللفظ (تاجر) – هو جميع أفراد التجار الذين تصدق عليهم صفات الاشتغال بأعمال البيع والشراء واتخاذها حرفة لهم.

العلاقة بين المفهوم والماصدق. 

لما كان (ما صدق) اللفظ هو الأفراد الذين يطلق عليهم اللفظ، وما دام أن (مفهوم) اللفظ هو الصفة أو الصفــات التي من أجلها يطلق اللفظ على مســماه، فهناك علاقــة وثيقة بين المفهوم وما صدقه، وهي علاقة عكسية، أي إذا زاد المفهوم نقص الماصدق، وإذا نقص المفهوم زاد الماصدق. فإذا كان المفهوم (حيوان ناطق)، كان المصادق جميع أفراد البشــر. وإذا كان المفهوم (حيوان ناطق يجيد قيادة السيارات)، كان الماصدق مقصوراً فقط على الأفراد الذين يتولون قيادة السيارات. وينبغــي معرفة أن العلاقة العكســية بيــن المفهوم والماصدق، إنما تتوقف علــى نوع الصفات التي تزيدهــا أو ينقصها. ً فمثلا، إذا قلنــا إن مفهوم الحيوان، هو الكائن الحي المتحرك، ثم أضفنا إليه الصفات التالية (النامي والمتغذي والمتنفس ..) فإن هذه الصفات على الرغم من أنها تمثل زيادة في المفهوم، فهي لا تنقص من ما صدق الحيوان، لأنها مازالت من الصفات الذاتية للفظ حيوان. بينما لو زدنا صفة (المفكر) لحصرنا الماصدق المنطق حيوان في أفراد الإنسان فقط.

٤ – التعريف

 التعريف في المنطق، هو توضيح معنى لفظ مبهم أو غامض، وتحديد هذا المعنى بحيث يمكن تمييز الأفراد الذين يدل عليهم اللفظ من الأفراد الذين لا ينطبق عليهم.

 تعريف منطقي:

 ينقسم هذا التعريف إلى قسمين رئيسين: َّف بحيث يميزه عن غيره، ويحلل لنا

 1 – التعريف بالحد:

 وهو التعريف الذي يحدد لنا الشيء المعر ماهيته أي صفاته الجوهرية الأساسية.

 وينقسم التعريف بالحد إلى قسمين: 

أ – التعريف بالحد التام:

 ويتم بذكر الجنس القريب والفصل. مثال: الإنسان حيوان ناطق.

 ب – التعريف بالحد الناقص:

 ويتم بذكر الجنس البعيد والفصل .. أو الفصل فقط.

 مثال: الإنسان جسم حي ناطق، أو الإنسان ناطق.

٢ – التعريف بالرسم: 

الذي يحدد لنا الشيء المعرف ويميزه عن غيره  َّف ويميزه عن غيره، ولكنه لا يحلل ماهيته أي لا يعطينا 

 صفاته الجوهرية الأساسية لأنه يعتمد على صفاته الخاصة به. 

والتعريف بالرسم على نوعين:

أ – التعريف بالرسم التام:

 ويتم بذكر الجنس القريب والخاصة مثال: الإنسان حيوان مخترع. 

ب – التعريف بالرسم الناقص:

 ويتم بذكر الجنس البعيد والخاصة، أو الخاصة فقط. مثال: الإنسان جسم حي أنيق أو الإنسان مخترع.

 ويجــب ملاحظة أن التعريف بالحد يتصف بالصعوبة، لأنه يتطلب معرفة دقيقة بالصفات الأساســية للألفــاظ المــراد تعريفها كما يتصف بالدقة لأنه يعتمد على تحليل ماهية الشــيء المراد تعريفه، أي ذكر صفاتــه الجوهرية، وليــس صفاته العرضية، وهو بذلك أكثر دقة من التعريف بالرســم، الذي يعتمد على الصفات العرضية غير الأساسية. وكذلك يتصف بالتعريف بالحد بأنه جامع مانع. ويقصد بجامع أنه يجمع ّف، في التعريف. مثال: (الطائر ّف، ويقصد بمانع أنه يمنع من دخول أفراد غير أفراد المعر كل أفراد المعر حيــوان له ريش)، هــذا التعريف جامع، لأنه يجمع كل أفراد الطيور، ومانع لأنه يمنع أي أفراد أخرى من أنواع الحيوان غير الطيور من الدخول في التعريف.

© موقع كنز العلوم.  جميع الحقوق محفوظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى