لغة عربية
القصة القصيرة…متعة الاكتشاف
عبر تاريخ قريب وبعيد هو كل تاريخ القصة القصيرة، بقي هذا النوع الإبداعي يمتلك عوامل اجتذاب أجيال من كتاب القصة القصيرة في أرجاء العالم ، وكان ومازال المنجز القصصي، بمثابة ذاكرة للأجيال وحصيلة للثقافات، من هنا بقي تراث الإنسانية القصصي تراثا مشتركا، جسد أفكار الإنسان، وتجلياته وصراعاته وصلته بالكون، والناس والطبيعة ، وابتداء من التجارب الواقعية في القضة، وانتهاء بتجارب الطليعيين بقي البناء القصصي هو محور هذا الفن … فالنتاج القصصي لدى تشيخوف و غوغول ودستوفسكي، وعند فلوبير وبلزاك وعند فولكر ، وهمنغواي وهيرمان هسه وميشيما، ونجيب محفوظ وماركيز كل هؤلاء وحشد أخر يختصرون هذا التاريخ الثري، الذي مازال مفتوحا على أجيال جديدة من كتاب القصة في أرجاء العالم الفسيح.
ما القصة القصيرة؟.. لنبدأ بالتعرف :
(أحدث ذات مرة) ، يالها من جملة سحريّة ألفنا سماعها وما هي إلا دعوة تتكرر وتتأكد ، إذ يقول أحدهم: اجلس وأصغ ، سأخبرك هذه القضة … ربما كانت متعة محددة ، لكنها كافية أن تستمتع بقصة ما جيدة ، تقابلها متعة كتابة قصة جيدة كذلك.
هنا لا بد من القول إن مبدأ القص كفعل إبداعي، يجب أن يكتشف حالما يلج الإنسان ميدان اللغة. فالقص موجود واقعيا ومكتوب بشكل أو بآخر منذ آلاف السنين … ولعل الرغبة في القض اليوم ليست أقل قوة مما كانت عليه بالأمس،
والسؤال الآن هو: لماذا نكتب القصص؟ ولماذا يكتب الكتاب قصصهم؟ والجواب هو أن هناك سببين السبب الأول، هو أن لدينا أو لديهم ما نريد أو يريدون قوله. السبب الثاني: وهو الدافع الموازي للسبب الأول ، هو الرغبة في الاكتشاف إذن ستكون الكتابة في أحد أهم محرّكاتها، هي الرغبة في الاكتشاف، فعبر القصص بإمكاننا أن نختبر الأشياء والأفعال ، أن نحمّل الجمل بأفكارنا وتجاربنا ، وفي عمليّة الكتابة القصصية نبلغ مرحلة فهم أعمق للعالم وللناس ولأنفسنا.
فعندما يقرأ شخص ما ماكتبناه فسيكون قد شاركنا وشاركناه ولو قليلا هذا المفهوم وفوق ذلك فإن الكتابة القصصية يمكن أن تكون متعة عظيمة اذن ابر قلمك … أو شقل حاسوبك .. ولنبدأ .
ما هي القصة القصيرة؟.. لنشرع في التعريف
يقودنا هذا السؤال إلى استرجاع ( المفهوم ): وما المقصود بالقصة؟
لهذا ستحضر معاجم اللغة لتحديد المعنى والمصطلح ، ويبرز أمامنا التحديد الأول للقضة بأنها:
– عملية قص لمجريات أو هي سلسلة متصلة من الأحداث
– وفي تعريف آخر ، إن القصة هي نسق مروي يهدف لإمتاع وجذب أو إعلام المستمع أو القارئ.
وما هذه إلآ تحديدات أولى تواجهنا في التعريف ، إذ كل تحديد يحتوي استخداماته ، رغم أنه لا يشكل إحاطة كاملة لمشهد القصة القصيرة ، لكننا عندما نوحد المعاني فإنها ستساهم جميعا في جعل قصة ما مقنعة للقرّاء بينما أخرى أقل من ذلك … إن أفضل طريقة للوصول إلى إحساس قوي بالقصة القصيرة كشكل أدبي هو تعلمها من خلال القصص ذاتها ويجب أن يكون من يرغب في التعلم قارئا متميزا ، حريصا ودقيقا …إذن .. اقرأ القصص على اختلافها ، اقرأ القصص الأدبية ومن مختلف الأنواع ، الخيال العلمي ، الرعب ، القصص الرومانسية ، الواقعية ، وغيرها ، اقرأ القصص الكلاسيكية ، واقرأ القصص التقليدية واقرأ القصص التجريبية ، سوف تبلغ معرفة بالكيفية التي يعمل بها معمار القصة القصيرة ، وبعد هذا ، عليك القيام بثلاثة أفعال قد تساعدك ، بالإضافة إلى مهارات أخرى ، أن تصبح يوما ما كاتبا للقصة القصيرة على درجة ما من التميز
أ- اكتب …
ب. اكتب أكثر ،…
ج واصل الكتابة ….
مادة القصة:
ترى من أين تأتي المادة الخام للقضة؟ هل تراك سألت نفسك هذا السؤال؟
الجواب ببساطة هو أنك عندما تكتب قصة ما، فإنّك تستخدم مادة أولية من خيالك، وتجربتك ومراقبتك لهذه الحياة وكيف تسير ، وتتجه لبناء عالم ، هو القصة ، رغم أنه صغير إلا أنه مكتمل.
إنّك بذلك تقوم ببناء نوع من العالم الموازي، الذي يضاهي العالم الحقيقي، لكنه يختلف عنه بشكل مميز وباعتبارك كاتبا، فإن جهدك يتركز على صنع عالمك القصصي حيا نابضا بالحياة ، وحقيقيا لدرجة أن القراء يصدقونه ، ليست بقضيّة كم هو مختلف عن الواقع عندما تقارن عقليًا بين العالمين ..
وهنا تقول إن هناك شيئين يميّزان عالم القصة القصيرة، في إطارها الواقعي هما:
أ- الأول: في الحياة الواقعية تقع الأحداث بالمصادفة أما في القصة فإن لكل حدث سببًا ما.
ب- الثاني: مبني على هذه النقطة ، اذ أن على كاتب القصة القصيرة، أن لا يتركنا تائهين متسائلين حول فكرة هذه القصة ، وكيف تسير الحياة داخل البناء القصصي ،، إذ أن لدينا قناعة في الوصول إلى حل وإحساس بالاقتراب من غاية القصة.
© موقع كنز العلوم. جميع الحقوق محفوظة.